فشل الصاروخ “الفضائي” الإيراني.. بماذا يخبرنا؟

تعرضت إيران لإخفاق فضائي جديد بعدما فشلت مرة أخرى في إطلاق صاروخ إلى الفضاء، الأمر الذي يطرح علامات استفهام بشأن أهمية إصرار طهران على مثل هذه التجارب وما يمكن استنباطه من “الفشل المتكرر”.

وانفجر صاروخ إيراني يحمل اسم “سفير 1″، الخميس، على منصة الإطلاق في مركز الإمام الخميني الفضائي في شمال إيران قبل إطلاقه، وذلك بسبب بعض المشكلات الفنية، وفق ما ذكر مسؤول إيراني لرويترز.

وأضاف “كان بسبب بعض المشكلات الفنية وانفجر لكن علماءنا الشبان يعملون على إصلاح المشكلة”. ولم يقدم مزيدا من التفاصيل.

وكان من المقرر إطلاق الصاروخ رغم التحذيرات الأميركية لإيران لتجنب مثل هذه الأنشطة، حيث تخشى الإدارة الأميركية أن تستخدم طهران التكنولوجيا البالستية بعيدة المدى، المستخدمة في وضع الأقمار الصناعية في المدار، في إطلاق رؤوس حربية نووية.

وحذرت واشنطن الإيرانيين من المضي قدما في اختبار الصاروخ، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفى في وقت لاحق أن تكون لبلاده يد في إجهاض إطلاق الصاروخ.

فشل متكرر

وكانت تقارير تحدثت عن فشل إيران مرتين في إطلاق صواريخ إلى الفضاء في مطلع فبراير الجاري، ومنتصف يناير الماضي.

وفيما أكدت إيران فشل التجربة الأولى، التزمت الصمت إزاء الفشل في محاولة الإطلاق الثانية، على الرغم من صور فضائية وتحليلات رصدت وقوع إخفاق فضائي. وفي المجمل، فشلت إيران في إطلاق الصواريخ الفضائية 5 مرات منذ عام 2008.

ويشكل إصرار النظام الإيراني على إطلاق صواريخ إلى الفضاء تحديا لقرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.

وتمنع قرارات مجلس الأمن إيران من القيام بأي أنشطة ذات صلة بالصواريخ الباليستية القادرة على نقل رؤوس الحرب النووية.

وذكر المحلل السياسي الإيراني، علي قاطع الأحوازي “الفشل الذي حصل في محاولة إيران ولأكثر من مرة إطلاقها الصاروخ دليل على حجم تأثير العقوبات الأميركية على الصناعة العسكرية الإيرانية في هذا المستوى”.

وأردف قائلا، إن إيران “ستستمر مستقبلا في إجراء تجارب أخرى حتى تصل لمبتغاها.. الهدف غير المعلن هو تطوير صواريخها الدقيقة التي تصل إلى مسافات بعيدة وإيران محظورة منها حسب الاتفاق المنعقد عام 2015 بينها وبين 5+1”.

إيران وخطاب الصواريخ

ويتساءل مراقبون عن سبب إصرار إيران على التجاربة الفضائية رغم أن البلاد تعيش وضعا اقتصاديا صعبا بسبب العقوبات المفروضة عليها، فيما يرجح آخرون أن الأمر لا يعدو أن يكون سوى خطابا تهويليا وزائفا تقوم به كأحد أهم أدوات الضغط وتشتيت خصومها في الخارج.

وفي هذا الصدد، قال هاني سليمان، المدير التنفيذي للمركز العربي للبحوث والدراسات إن “طهران دائما ما تستخدم استراتيجية التهويل وتعظيم القدرات لتحقيق هدفين؛ فكرة حشد الجمهور والشعب حول النظام ودعمه وخلق حالة انتصار وعظمة مصطنعة، والآخر لتصدير مشهد مغاير ومخالف للواقع في توازناتها الخارجية وبسط نفوذها كعامل ردع وخلق هالة من القوة المبالغة تسيطر على أعدائها”.

وأضاف، أن إيران تستخدم خطاب الصواريخ وتطويرها ومحاولات الإطلاق لتشتيت خصومها وردعهم بما يفرض حالة من الارتباك “لكن الشواهد تؤكد بعد ذلك عدم مصداقية طهران”.

وفضحت تقارير إعلامية في أكثر مناسبة زيف الخطاب الإيراني بشأن الصواريخ والتجارب الفضائية، مما يؤكد اعتماد النظام في طهران على عنصر “التضليل” في محاولة منه لتضخيم قدراته العسكرية وتوجيه الرأي العام على طريقته.

وبحسب سليمان توظف طهران “ميزانيات مالية ضخمة لوسائل الدعاية والإعلام.. وفي ذلك السياق قامت بإنشاء قسم خاص في وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيراني، والذي يعرف باسم “التضليل”، حيث يستخدم هذا القسم في عمليات الحرب النفسية والتضليل الإعلامي والدعائي ضد أعداء الجمهورية. الشواهد تؤكد بعد ذلك عدم مصداقية طهران”.

وتابع “تعمل إيران جاهدة على تضخيم قوتها وآلتها العسكرية، بالشكل الذي يردع خصومها، ويزرع فيهم مصداقية الردع الإيراني، فهي تدرك جيدا أهمية توظيف أساليب الحرب النفسية نحو أعدائها”.

تاريخ من الدعايات 

وذكر سليمان أن تجارب إيران السابقة في مجال الصواريخ والفضاء تؤكد مبالغة الخطاب الإيراني في تضخيم قدرات البلاد العسكرية، على الرغم من تكذيب الصحافة الأجنبية لهذه الدعاية الإيرانية.

وقد أصدرت إيران عدة تقارير حول طائرة “كوثر 1” بدون طيار في نوفمبر 2012، أو عملية إرسال قرد على مسبار فضائي في عام 2013، أو عملية إطلاق غواصة بحرية في مضيق هرمز في أغسطس 2006، وتبين فيما بعد أنها تجارب لقوات البحرية الصينية.

وأيضا، رغم إعلان طهران في عام 2013 عن إنتاج طائرة عسكرية من طراز ” قاهر 313″، إلا أنها لم تر النور إلى حدود يومنا هذا.

كما تلجأ طهران إلى عملية تدوير المنتجات القديمة لإبراز الزخم الإعلامي في قدراتها العسكرية؛ مثل إعادة تدوير الطائرات القديمة: “إف 5” التي أعلنت عنها إيران في 19 أغسطس 2018، وتبين فيما بعد أنها طائرة أميركية تعود لحقبة الشاه.

وفي أغسطس 2019، جرى الإعلان عن منظومة صواريخ 373، حيث أفاد المسؤولون الإيرانية بأنها تفوق “إس 300” الروسية، قبل أن يتبين أنها جزء من صواريخ أعلن عنها قبل 2011.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى