شخصان والجبل الأخضر عائلة، والجبل الأحمر بقايا عائلة، امرأة في كهف، الجبل الأزرق، أشخاص ودوامة، أمل بين الصخور، القارب، الغربة، الدعاء وبقايا نخلة واستراحة …. هذا وبعد فقصص لوحات فناننا التشكيلي سعد الطائي لم تنته … حيث امتازت رسوماته بالتعبيرية والواقعية وتأثير الألوان التي تعطي للوحة ذلك الدفء والهدوء وسط الضوضاء داخل ثنايا القصة وأيضا الحنين وفكرة الاغتراب المؤلمة التي سكنت روح الإنسان العراقي.
حوارنا كان شيقاً، فضيفنا التشكيلي الرائد سعد الطائي يمتاز بعذوبة الترحيب والبساطة والذوق الرفيع. التقيته في عمان خلال افتتح معرضه الأخير (حين تكون الغربة بوحا).
سعد الطائي تولد محافظة بابل، وفي مركزها الحلة عام 1935، حاصل على شهادة الماجستير في الرسم في أكاديمية الفنون الجميلة-روما 1957.
- أستاذ الرسم في كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد 1957.
- عضو جمعية الانطباعيين ومشاركا في جميع معارضها 1968.
- عضو جمعية الصداقة الإيطالية.
- مؤسس ورئيس قسم اللغة الإيطالية في كلية اللغات جامعة بغداد 2003.
- نال وسام الفارس من رئاسة الجمهورية الإيطالية 2005.
- عضو اللجنة العليا لتطوير المناهج والوسائل في كلية الفنون الجميلة-جامعة بغداد.
- أقام العديد من المعارض الشخصية داخل العراق وخارجه ولديه مشاركات مختلفة بهذا المجال الفني المميز.
شمس الماضي تغرب على مهل!
منقول عن الناقد (عاصم الأمير) في معرض الطائي 2019
(… في حضوره اللافت يمضي سعد الطائي قدماً بالتصريح بفكرة الاغتراب، ثمة قوة جذب لما هو آت دائما، فيما يدع شمس الماضي تغرب على مهل. ومن البداية حرص سعد الطائي، أن يظهر بشفافية في المناقلة بين تصوراته بما يبقيه في مدار الوعي بالرسم حين تكون خلاصا يجنبنا الانزلاق في الحواشي المنسية عرفناه ممن أسهم في مشروع الريادة في الفن العراقي المعاصر، وممن صنع له سيقانا صلبة وكان ان عرف طريقه نحو الحداثة منذ سنوات الاكتشاف الأولى تلك، ورسوماته تشد بعضها البعض في نسق تواصلي تحويلي وبلا انقطاع في موجة رسومه هذه المرة ، يدفه الطائي بأطروحاته من وحي الغربة وهي التي تجرف معها كل أصول اللعبة الجمالية وزمنها الى فضاء الأسئلة الوجودية والصور الذهبية من خلال رسوم ذات طلاء نوستولوجي لزمن لا يعود ،هناك حيث يكون الطائي قد اطال مكوثه مشهرا تلويحه الثناء للفن الذي لوحده قادر على بناء الثقة فيما تأتي به الإرادة من اعمال فن اكثر سموا مما يرى في عالم اشد انحطاطا وضياعا…)
سرقنا بعضا من وقته أثناء الافتتاح ليكون لفقرتنا الجميلة (في أروقة الثقافة) هذا الحوار وكان سؤالنا الأول مقتبسا من عنوان المعرض:
- كيف تكون الغربة بوحاً؟
ـــ كل إنسان يحمل بداخله هماً او حزناً أو يشعر بغربة ما، والكثير من لا يستطيع البوح بها والكلام عن تلك المشاعر المؤلمة التي تثقل القلب والروح، وهنا جاء دور اللوحة لتعبر عما لا يستطيع اللسان قوله. هذه المشاعر تعرف بقراءة متعمقة من الفنانين والحضور الكرام لوحاتي وقصصها
- لوحاتك تعرض لأول مرة؟
ــ لا… قبلها عرضت هذه اللوحات في ثلاث قاعات ببغداد 2017-2018 مع بعض الإضافات.
- أكيد هذا لم يكن معرضك الأول في الأردن؟
ـــ لي معارض متعددة اقمتها في عمان اذكر منها في عام 1998-1999 وفي 2013، كان على قاعة مجلس الاعمال العراقي بعنوان (وهم المسافات)، وعلى قاعة الأورفلي للفنون 2011، بعنوان (عودة إلى المجهول)، وهذه للمرة الثانية في الاورفلي 2019 (حين تكون الغربة بوحاً).
- بعد هذا الافتتاح أين سيكون المعرض القادم؟
ـــ ان شاء الله في بيروت …!
- دائما نتذكر أول نجاح لنا في الحياة … وبما أن حضرتك فنان تشكيلي رائد. متى وأين كان أول معرض أقمته؟
ــــ في روما 1956 مع الفنانين النحاتين خالد الراحل، ومحمد غني حكمت-الذي تجمعني بهما صداقة متينة-عرضاً منحوتاتهم، وانا عرضت لوحات للطبيعة الإيطالية وهذا عندما كنت أدرس في كلية الفنون الجميلة في إيطاليا من 1952-1957 وبعدها اقامت معرض مع حافظ الدروبي في أوروبا وتتاليت المسيرة الفنية
- مائيات سعد الطائي… هذا المنجز الإبداعي ماذا يتضمن؟
ـــ كتاب يتضمن خمسون لوحة مائية مليئة بسحر وجمال الطبيعة والبيئة تعود للطبيعة العراقية والإيطالية أي العربية والغربية والتي تعود بي لأجواء عشتها وأماكن ذهبت اليها
- فقط تستخدم الألوان المائية؟
ـــ لا … استخدم الزيتية منذ سنوات ألوان قوية أميل إليها… لكن رسمتُ بالألوان المائية في كتابي (مائيات) والذي تمت طباعته بشكل محترف حيث يمكن قطع الرسمة من الكتاب ووضعها في برواز معين وتعليقها على الجدار
- لماذا الطبيعة؟
ـــ غالبا يكون استخدامي للألوان المائية خارج البيت عندما نذهب في رحلات وقتها أقوم برسم اللحظة وكان هذا الأسلوب قد اخذته عن استاذي عندما كنا نخرج للرسم في الطبيعة الإيطالية
- كيف تختار (الثيمة) للوحات؟
ـــ أتذكر في معرض سابق في عمان على قاعة (العين) كان معرضي الأحجار تنطق استخدمت رسم الحجارة بشكل اشخاص تنطق وأيضا رسومات منها القباب والتراث وهي أفكار يكملها الخيال لدى الفنان.
- النخلة في لوحاتك ماذا تعني؟ هل شوق للوطن؟
ــــ الوحدة والغربة وأطراف نخلة في وادي كلها ترمز لما حدث في العراق والنخلة المقطوعة راسها في لوحة من لوحاتي تعني الغربة ليست فقط غربة الوطن الشعور بالغربة ربما في يأتيك وانت داخل بيتك
- والمرأة ما دورها في رسومات سعد الطائي؟
ـــ أكيد لها دور، ودورها كبير، الرجل في أيام المحن يترك المرأة مع أولادها ربما يلتحق للقتال أو يموت أو يحدث بينهم انفصال إلى … إلخ. تبقى هي ترعى بيتها واطفالها وتقع أعباء الزمن عليها وما حدث بالموصل خير دليل ويوجد أكثر من لوحة تحكي مثل هذه القصص الحزينة كلوحة (بقايا عائلة).
- هواياتك الأخرى غير الرسم؟
ـــ القراءة الشعر، أحب كتابته. واقول ليس هما أن أرى ما قد يرى وإن همي أن أري ما أرى
- الحركة التشكيلية في العراق كيف تصفها حاليا؟
ـــ جيدة وعمل مستمر رغم معرفة مسبقة من الفنان التشكيلي العراقي بانه لا يوجد بيع للوحات مثل السابق
- ما السبب بنظرك؟
ــــ انشغال الناس بأمور أخرى خلقت بعدا عن شراء او اقتناء لوحات
- هل من عودة لاقتناء رسومات للفن التشكيلي؟
ــــ نعم. الان تقوم الوزارات والسفارات والمتاحف بشراء اللوحات واتذكر لوحاتي في متحف صدام للفنون التي سرقت وتوزعت في دول مختلفة وليس وحدي أكيد.
- ماذا تقول بهذا الرأي: لوحات الفنانين المعروفين يمكن بيعها أسرع من الفنانين الجدد؟
ـــ لا أوافق هذا الرأي… الاقتناء يكون بطبيعة رسم اللوحة واصلتها وتميزها
- ماهي طموحاتك القادمة؟
ـــ الاستمرار بالعطاء بهذا المجال الرحب فالطموح لا يعتمد على عمر معين ولا وقت محدد.
شكراً لك أستاذ سعد الطائي، الفنان القدير على أمل أن ألتقيك في معرضك القادم … إن شاء الله.
تعليق واحد