عاقب رافعو شعار “يا لثارات الحسين” النهرين بالتلوث، وساهمت إيران كونها الراعية لذلك الشعار في العقاب من خلال تلويث مصب النهرين بنفاياتها التي قد يكون جزء منها نوويا.
قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو “تهتم إيران بالماء الثقيل أكثر من اهتمامها بمياه الشرب”. وهي ليست مزحة كئيبة إلا فيما يتعلق منها بما يجري في العراق.
الحكومة العراقية كونها تدور في فلك الولي الفقيه منذ أكثر من عشر سنوات فقدت هي الأخرى اهتمامها بمياه الشرب، من غير أن يكون ذلك سببا في نسيان فجيعة موقعة الطف التي بدأت بحرمان الإمام الشهيد الحسين بن علي وأهله من الاقتراب من نهر الفرات الذي كان ينتمي يومها إلى قائمة الأنهار ذات المياه العذبة. ويُقال حسب إحدى الحكايات الدينية إنه واحد من أنهار الجنة.
كانت خفة الحياة في العراق مستلهمة من عذوبة مياه نهريه. غير أن الحياة هناك وقد صارت ثقيلة فقد انعكست على نهريه اللذين صارت مياههما أثقل من الماء الثقيل الذي ربط نظام الملالي مصيره به.
وما يؤكد ذلك التحول أن وزير الخارجية العراقي السابق إبراهيم الجعفري، قد نسي في خضم حماسته للدفاع عن إيران من على منصة الأمم المتحدة السنوات التي حكم فيها سرجون الأكدي بلاد ما بين النهرين. وليس هناك ما هو أكثر شؤما على العراق من أن يفقد أبناؤه نعمة المياه العذبة بسبب شغف حكامه بماء ثقيل لا يعرفون في أي نهر يجري.
فبعد أن كان العراق واحدا من بلدان قليلة لا تعرف أسواقه قناني المياه المعلبة، صارت قناني المياه القادمة من فرنسا تزين صور المسؤولين مثلها في ذلك مثل العلم العراقي الذي أزيلت منه نجومه الثلاث فيما بقيت عبارة “الله أكبر” التي أضافها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بخط يده.
لقد محا حكام العراق الموالون لإيران أخف ما في العلم، نجومه، بالرغم من أن العلم الإيراني مثقل بالرموز الفارسية.
قد لا يكون سرا أن أولئك الحكام يتمنون لو أن المجتمع الدولي أعطاهم ظهره ليفعلوا ما يشاؤون بشعب العراق وبأرضه وسمائه، بدءا من نهريه اللذين جفا وكفا عن أن يكونا ملهمين بحياة أفضل. وقد يكون عجز الحكومات العراقية عن بناء محطات لتحلية المياه هو أبلغ صور الإعجاب بهوس نظام الملالي بالماء الثقيل. مشكلة حكام العراق، وجلهم من التكنوقراط المتخصص في شؤون الغيبة الكبرى وعذاب القبر وزيارة الأربعين، أنهم على يقين من أن إيران ستشهد سنوات عجافا بسبب شغف حكامها بالماء الثقيل الذي يستعمل في المفاعلات النووية، لذلك فإنهم قرروا التضحية بالشعب العراقي على الطريقة الحسينية من خلال حرمانه من الماء.
وإذا ما نظرنا إلى طريقة تعامل السياسيين العراقيين مع مسألة نقص المياه في نهري دجلة والفرات في سياق منطلقاتهم الدينية، فإن ما فعلوه يعتبر جزءا من الثأر للإمام الحسين الذي حُرم حسب الرواية المتداولة من شرب المياه العذبة يوم كان في إمكان الناس الشرب مباشرة من الأنهار.
لقد عاقب رافعو شعار “يا لثارات الحسين” النهرين بالتلوث، وساهمت إيران كونها الراعية لذلك الشعار في العقاب من خلال تلويث مصب النهرين بنفاياتها التي قد يكون جزء منها نوويا.