قراءة في الموازنة العامة للعراق لسنة 2020 .. دراسة تحليلية

الأستاذ الدكتور محمد طاقة - عمان 1/10/2020

المقدمة

أولاً: ماهية الموازنة العامة للدولة

ثانياً: خصائص الموازنة العامة للدولة

ثالثاً: أهمية الموازنة العامة للدولة

رابعاً: قواعد الموازنة العامة للدولة

خامساً: قراءة أولية في الموازنة العامة للعراق للعام 2020

سادسا: نتائج الدراسة

المقدمة

إن الدول الحديثة، على اختلاف أنظمتها، تعمل على أن يسير نشاطها المالي على وفق برنامج محدد، بصفة دقيقة، يشمل مجموع نفقات الدولة وايراداتها، على أن يتم ذلك مسبقا ولمدة سنة، وتحددها، بنحو تفصيلي، في بيانات واضحة وتتم الموافقة عليها عن طريق السلطة التشريعية، ويسمى هذا البرنامج الموازنة العامة.

تمثل الموازنة جميع نشاطات الدولة المالية وتكون انعكاساً لدور الدولة على النشاط الاقتصادي، وأخذ هذا التطور والتغيير في دور الدولة ينعكس على الفكر المالي، كما انعكس هذا التطور على مفهوم الموازنة ودورها في النشاط الاقتصادي، متعديا القواعد الحقوقية والحسابية، وأصبح يصل إلى حدود المصير الاقتصادي والسياسي للأمة.

إن التطورات، التي حدثت أخيراً في مجال العلم والتكنولوجيا، انعكست على الكثير من المفاهيم، التي كانت سائدة سابقاً، ومنها مفهوم الموازنة ودورها في الجانب المالي والاقتصادي وحتى السياسي منها.

ستتناول هذه الدراسة ماهية الموازنة العامة للدولة وخصائص الموازنة العامة للدولة واهميتها وكذلك القواعد العامة للموازنة، وبعد ذلك ستتم في هذه الدراسة، قراءة في الموازنة العامة للعراق للعام 2020، قراءة تحليلية من أجل الوقوف على الوضع المالي للعراق والسياسات المالية والاقتصادية واثر هذه السياسات على النشاط الاقتصادي للبلد .

ان الهدف من ذلك هو معرفة مدى التزام الحكومات المتعاقبة ، منذ سنة 2003 ولحد اليوم، أي حتى سنة 2020 في تطبيق ماهية الموازنة وخصائصها والالتزام بقواعدها ومعرفيها وبكل ما يتعلق باعداد الموازنة حتى اقرارها .

أولاً: ماهية الموازنة العامة

عرفت الموازنة العامة، في مفهومها البسيط، المتمثل في ضبط الايرادات والنفقات منذ القديم، ففي الفكر التقليدي، ولمفهوم الموازنة طابع مالي صرف، فهي تقتصر على تخمين النفقات والإيرادات وإجازة جبايتها وإنفاقها، وكان دور الدولة، آنذاك، محدداً بحفظ الأمن والدفاع الخارجي والقضاء، لذا سميت الدولة، في حينها، بالدولة الحارسة، والنشاط الاقتصادي متروك للأفراد، عن طريق قوانين العرض والطلب، يتحقق التوازن الاقتصادي، وهذا ما أدى إلى محدودية نفقاتها وإيراداتها وتوازنهما، لذلك عرفت الموازنة بأنها الصيغة التشريعية، التي تقدر، بموجبها، نفقات الدولة ووارداتها، ويسمح لها بالعمل، بعد أن يقرّها البرلمان في قانون الموازنة، الذي يعبر عن الاهداف المالية للحكومة.

وتعرف الموازنة، أيضاً، بأنها صك تقدر فيه نفقات السنة الثانية ووارداتها بموجب القوانين المعمول بها عند التقديم واقتراحات الجباية فيها.

وتعرّف، أيضاً، بأنها صك تشريعي تقدر فيه نفقات الدولة ووارداتها عن سنة مقبلة وتجاز بموجب الجباية والانفاق.

ونلاحظ ان جميع التعاريف تتفق على أن الموازنة، بمفهومها التقليدي، تعني الجداول المتوازنة بين الجانبين، والتي تتضمن كلاً من الايرادات والنفقات العامة، خلال حقبة مقبلة عادة ما تكون سنة.

بعد أن توسع دور الدولة في الاقتصاد، لإعادة التوازن الاقتصادي في حالة حدوث اختلالات في حقبة الأزمات، كما حدث في مطلع الثلاثينات، حيث عجزت آلية السوق عن تحقيق التوازن التلقائي للاقتصاد، فجاء دور الدولة وتدخلها في اعادة التوازن الاقتصادي، في حالة حدوث الاختلال، حيث أصبحت المهمة الأساس هي تحقيق التوازن الاقتصادي الشامل، حتى لو أدى ذلك الى عجز مؤقت بالموازنة . واصبح الاهتمام بالتوازن العام للحياة الاقتصادية والاجتماعية بدلاً من التوازن المالي بين النفقات والايرادات، وفي أغلب الأحيان يكون التوازن المالي جزءاً من التوازن الاقتصادي ويكمل بعضهما الآخر، ويمكن ان يحصل خلل في التوازن المالي من أجل الوصول إلى تحقيق التوازن الاقتصادي، وعلى هذا الاساس فقد ارتبط المفهوم الحديث للموازنة العامة بالموازنة الاقتصادية القومية اذ تحضّر معظم الدول موازنتها السنوية، في ضوء تقرير شامل ومفصل عن الحالة الاقتصادية والمالية لها.

مما تقدم يتبين لنا ان الموازنة العامة تعد لسنة مقبلة تقدر فيها الايرادات والنفقات، بنحو دقيق وواضح وعلى يد خبراء ومتخصصين في اعداد الموازنات العامة ، وفي ضوء تقارير شاملة عن الحالة الاقتصادية والمالية للبلد على ان تقرها الجهة التشريعية من اجل اصدار قانون الموازنة.

ثانيا: خصائص الموازنة العامة

من أهم خصائص الموازنة العامة، هي الصفة التخمينية أو التقديرية للموازنة (فالموازنة وثيقة تقدر فيها النفقات العامة والايرادات لحقبة زمنية مقبلة) فهي تعد، اعتيادياً، لسنة مقبلة، ولذلك لا يمكننا معرفة النفقات، التي ستنفق والايرادات، التي ستجبى على وجه الدقة، خلال المدة المذكورة.

ولكن بالإمكان تحديد قسم من النفقات، بصفة تقريبية، كمخصصات السلطات العامة، ورواتب الموظفين الدائمين واقساط الدين العام، ولكن هنالك نفقات لا يمكن تحديدها، سلفاً، بسبب طبيعتها كونها تقوم على افتراضات مختلفة يصعب التنبؤ بها عند تحضير مشروع الموازنة.

وهذا ما ينطبق على الايرادات، إذ يكون من الصعب ان يتم تقدير الايرادات المتأتية من الضرائب على سبيل المثال، فهنالك ضرائب تستوفى على الارباح والضرائب الكمركية.. الخ، فالموارد تأتي من مصادر عديدة ومختلفة وأوعيتها متعددة وتخضع لظروف متباينة، فضلاً عن ان معرفة المبالغ المستحقة يتوقف على نتائج الجباية ومدى دقتها، ويتوقف ايضا على امكانية التهرب الضريبي بسبب ضعف الجهاز الضريبي وغيرها من العوامل، فمن الطبيعي ان تلعب الاحتمالية دوراً كبيراً في تقديرها بالرغم من استخدام الوسائل الفنية المتطورة .

من الضروري ان نذكر، هنا، الفرق بين الموازنة العامة والحساب الختامي للسنة المالية، فالحساب الختامي هو كشف بالارقام الفعلية المتحققة، لتقديرات الموازنة، بعد سنة تنفيذها، اي أنها الموازنة، كما طبقت عملياً وفعلياً.

فالحساب الختامي يمثل الوجه الحقيقي للوجه الاحتمالي للموازنة للسنة المالية نفسها، وبالامكان الاعتماد على الارقام الفعلية المتحققة للحساب الختامي كإحدى الوسائل في تحضير نفقات السنة الثانية وايراداتها.

وينبغي ان يعرض الحساب الختامي على الجهة التشريعية والاجهزة الرقابية، لمعرفة ما انفقته السلطة التنفيذية لمعرفة مدى التزامها بالاعتمادات المقررة، وما اذا تجاوزت عليها، واسباب هذه التجاوزات، بهدف تحديد المسؤولية وتصحيح الانحرافات في المستقبل.

ومن خصائص الموازنة، أيضاً، الاذن بالموازنة (إجازة الجباية والانفاق) كون الموازنة لا تأخذ طابعها الرسمي وتكون جاهزة للتنفيذ الا بعد ان تجيزها السلطة التشريعية بالنيابة عن الشعب، وتعد هذه الاجازة من اهم خصائص الموازنة العامة، والتي تميزها عن الموازنات الخاصة.

إن دور السلطة التنفيذية تحضير الموازنة وتنفيذها ولكن البرلمان هو الذي يصوت عليها، بمعنى انه يعطي للحكومة الاجازة بصرف النفقات وجباية الايرادات المذكورة في الموازنة.

ومن خصائص الموازنة ان تكون محددة المدة على الاكثر تكون لسنة واحدة، حيث توضع الموازنة لمدة سنة، ويعطى الاذن بالجباية والانفاق عن سنة واحدة فقط، كون اعمال تحضير الموازنة تتطلب جهدا كبيرا ووقتا طويلا علما ان هناك موازنات توضع لاكثر من سنة او لمدد غير محدودة كالمشاريع الانشائية الكبرى، فضلا عن الدول التي تضع برامجها لسنوات عدة.

ثالثاً: أهمية الموازنة العامة

للموازنة اهمية سياسية واجتماعية واقتصادية، فاهميتها السياسية تكمن في اعتماد البرلمان لها ، معنى ذلك مناقشة البرنامج السياسي للحكومة، وان حاجة السلطة التنفيذية لمصادقة البرلمان، يعني تمتع الشعب بحرياته الدستورية وحقوقه الديمقراطية، وطالما ان الموازنة تتضمن تفاصيل النفقات والموارد المالية فهي تعطي صورة واضحة عن السياسة العامة للدولة اتجاه المجتمع. وبامكان البرلمان فرض رقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وبامكانه رفض اعتماد معين في مشروع الحكومة وإجبارها على العدول عن سياسة اقتصادية واجتماعية معينة او حملها على تنفيذ برنامج معين.

اما اهميتها الاقتصادية، فهي تلعب دورا فعالا في تحقيق التوازن الاقتصادي وذلك عن طريق اتباع سياسة انفاقية وايرادية، ففي حالة الكساد تتدخل الدولة لتعمل على زيادة الطلب عن طريق زيادة النفقات وتخفيض الضرائب لرفع القوة الشرائية لدى الافراد، مما يؤدي الى زيادة الانتعاش الاقتصادي.

اما في حالة التضخم، اي عندما يكون الطلب اكثر من العرض، فتخفض الدولة نفقاتها وترفع نسبة الضرائب بهدف امتصاص القوة الشرائية الزائدة في السوق فيقل الطلب بشقيه الخاص والعام مما يؤدي الى تخفيض الارتفاع بالأسعار، كما تعكس الموازنة العامة فلسفة النظام في معالجة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.

اما بالنسبة للاهمية الاجتماعية فالموازنة تعكس الكثير من العدالة الاجتماعية وتقلل الفوارق الطبقية والاهتمام برفاه المجتمع، حيث تعكس الاهداف، التي تضعها وتنفذها الحكومة في مجال الجانب الاجتماعي ومدى اهتمامها بالارتقاء بالخدمات التعليمية وتقديم التعليم المجاني، وكذلك الخدمات الصحية ومد  شبكات الماء وايصال الكهرباء، وغيرها من الخدمات، وكيفية استخدام السياسة الضريبية لتقليل الفوارق بين دخول الافراد وتحقيق العدالة الاجتماعية.

رابعاً: قواعد الموازنة العامة للدولة

عند إعداد الموازنة العامة لا بد ان تراعى في اعدادها قواعد أساس وهي قاعدة شمولية الموازنة وقاعدة وحدة الموازنة وقاعدة سنوية الموازنة وقاعدة توازن الموازنة، فلا بد للحكومة ان تأخذ بنظر الاعتبار، عند اعداد الموازنة العامة، القواعد الاربعة وذلك لأهميتها القصوى:

1- قاعدة شمولية الموازنة:

يقصد بشمولية الموازنة، هو ان تذكر في الموازنة ايرادات الدولة كافة مهما كان مصدرها، ونفقاتها كافة، مهما كانت أنواعها ، من دون اغفال اي منهما ولاي سبب كان، بحيث تكون الموازنة شاملة وكاملة، ويجب ان تراعي هذه القاعدة في تنظيم الموازنة، لكي تكون اجازة الجباية والانفاق مطابقة للواقع، وهناك اسلوبان لتدوين الايرادات والنفقات في الموازنة العامة:

الاسلوب الاول: تقيد في الموازنة جميع الايرادات مهما كان مصدرها ونوعها ومقدارها، وجميع الاموال، التي تنفق من حساب الخزينة مهما كان نوعها ومقدارها والغاية من انفاقها، من دون اجراء أية مقاصة بين الايرادات والنفقات، وهذا ما يطق عليه بالموازنة الشاملة.

والاسلوب الثاني: اجراء مقاصة بين ايرادات كل وحدة ونفقاتها، وهذا يعني ان تسجل الايرادات والنفقات في الموازنة العامة صافية، بعد ان تحسم من الايرادات ما بذل في سبيلها من مصاريف، وان يحسم من النفقات ما تكون قد ادخلت الادارة المختصة من ريع الى الخزانة، ويطلق على هذا الاسلوب مصطلح الناتج الصافي ومن مميزات قاعدة شمولية الموازنة هي الوضوح والصدق والمحافظة على حق البرلمان من الاذن بالجباية والانفاق بمعنى انه لا يمكن جباية اي مبلغ او انفاقه من دون موافقة البرلمان.

2- قاعدة وحدة الموازنة: وهذه القاعدة تعني تدرج جميع الايرادات العامة المتوقع جبايتها وجميع النفقات العامة المتوقع انفاقها خلال السنة المقبلة في موازنة واحدة. وأهمية العمل بهذه القاعدة هي لاعطاء فكرة واضحة وكاملة عن الحالة المالية للدولة ولتسهيل عمليات المقارنة بين مجموع  الايرادات والنفقات، وبيان ما اذا كان هناك توازن بالموازنة أو عجز او هناك فائض وأسباب كل منها. كما ان تعدد الموازنات تؤدي الى صعوبة مراقبة السلطة التنفيذية والتشريعية لها، وحتى تتمكن من التمييز بين النفقات الضرورية وغير الضرورية .

3- قاعدة سنوية الموازنة

تقضي هذه القاعدة، أن تعد الحكومة، كل عام موازنة العام المقبل، وتعرضها على السلطة التشريعية لاستحصال موافقتها واقرارها، ولا تعطى هذه الموافقة، مبدئياً، إلا لسنة واحدة.

واهمية ذلك تكمن، في اصرار الشعب على ان يوافق ممثلوه على فرض الضرائب، التي ترغب الحكومة بجبايتها وأن يأذنوا لهذه السلطة بالانفاق ضمن حدود معينة ولاهداف محددة، لتسهيل مراقبة تنفيذها ومتابعته، اما النتائج المترتبة على القاعدة السنوية، فهي ان تقدير النفقات والايرادات يكون عن سنة واحدة وان الجباية والانفاق يجب ان تتجدد كل سنة، والجباية يجب ان تتوقف، مبدئياً، في اليوم الاخير من السنة الى ان تتجدد الاجازة، وان الاعتمادات، التي تبقى من دون استعمال في اليوم الاخير من السنة يتوقف العمل بها، اما بخصوص التاريخ الي تبدأ به السنة المالية، فهناك دول سنتها المالية تبدأ في اليوم الاول من كل عام وتنتهي في 31 / كانون الاول/ ديسمبر من العام ومنها العراق، وهناك دول تبدأ سنتها المالية من اول نيسان/ ابريل وتنتهي في 31  اذار/ مارس.

رابعاً: قاعدة توازن الموازنة

شهدت هذه القاعدة في الفكر والواقع الماليين تطورا كبيرا نتيجة لتطور دور الدولة في الحياة الاقتصادية، ففي حقبة الدولة الحارسة، أي حسب النظرية الكلاسيكية التقليدية، كان الايمان بتوازن الموازنة، اي ان تكون النفقات العامة مساوية الى الايرادات العامة، ولكن بعد حقبة الكساد العظيم، اي بعد الازمة الاقتصادية الكبرى، التي بدأت سنة 1929، اصبح من غير الممكن تحقيق التوازن بالطرق الاعتيادية، فتضطر الدولة الى اللجوء للمصادر غير الاعتيادية لتمويل عجز الموازنة.

في المالية الحديثة اتسع دور الدولة وازدادت درجات تدخلها في مختلف اوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية واصبحت الموازنة اداة من ادوات السياسة المالية تلجأ اليها الدولة لتحقيق اهدافها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وفي هذه الحالة فقدت قاعدة التوازن صفتها وأصبحت الموازنة تنظم بفائض أو عجز وأحيانا بتوازن، وبما يحقق توازن الاقتصاد القومي ككل.

خامساً: قراءة في الموازنة العامة للعراق لسنة 2020

كما ذكرنا سابقاً، فالموازنة كشف حسابي تفصيلي عن ايرادات الحكومة ونفقاتها، وتعد مسبقا ولمدة سنة، ومن خلالها بالامكان معرفة السياسة المالية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية للدولة، وفلسفة الحكومة في خدمة الشعب وتوفير  الحياة الآمنة والمرفهة، التي تؤدي الى تقليل الفوارق الطبقية من خلال توزيع الدخول المتأتية من فرض الضرائب واتباع سياسات مالية تحقق العدالة الاجتماعية وتخلق تنمية مستدامة، وما اذا كانت الحكومة تمكنت من الاستغلال الامثل لمواردها المالية وهل كان استخدام النفقات في محله وادى الى مردود اقتصادي، اجتماعي ذلك كله بالامكان الاطلاع عليه من خلال القراءة العلمية للموازنة وتحليلها.

وبعد الاطلاع على فقرات الموازنة لسنة 2020 يتضح لنا ان الايرادات الواردة فيها للسنة المالية 2020 بلغت (67.425220454) سبعة وستون ترليون واربعمائة وخمس وعشرون مليار ومئتان وعشرون مليون واربعمائة واربعة وخمسون الف دينار .

علما انه تم احتساب الايرادات المخمنة من تصدير النفط الخام على اساس معدل سعر (40.51) دولار اربعون دولارا وواحدا وخمسون سنتن للبرميل الواحد ومعدل تصدير قدره (3033273) مليون برميل يوميا ثلاثة ملايين وثلاثة وثلاثون الف ومئتان وثلاثة وسبعون برميل يومياً، وهذا يعني ان ما يدخل للميزانية يوميا مبلغ يقدر بـ123 مليون دولار، وشهريا نحو 3.700 مليار وسنويا نحو 46 مليار .

والجدول الآتي يبين اجمالي الايرادات لسنة 2020 وكما ورد في الميزانية العامة.

جدول رقم (1)

التسلسل المفردات المبلغ بالف دينار مليار المبلغ بالدولار

1    اجمالي الايرادات    67.425.220.454 ترليون    54 مليار

1-أ  الايرادات النفطية    85.227.094.042 46.5 مليار

  1. ب الايرادات غير النفطية     9.198.126.412   7.5 مليار

ويلاحظ من ذلك ان نسبة مساهمة النفط بالنسبة لمجمل الايرادات بلغت 86٪ بينما كانت الايرادات غير النفطية بنحو 14٪ وهذا يؤكد ان الاقتصاد العراقي لا زال يعتمد على النفط وهو اقتصاد وحيد الجانب، ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة ان تعمل على تطوير بقية القطاعات الاقتصادية من صناعة وزراعة وقطاع خدمات، وان نسبة مساهمة بقية القطاعات بمجملها لا تمثل سوى 7.5 مليار دولار وهي نسبة ضئيلة جدا، وهذه النسبة تمثل جميع الايرادات غير النفطية وهي كثيرة جدا ومتعددة.

اما اجمالي النفقات، التي وردت في الميزانية لسنة 2020 فبلغت 148.6 ترليون دينار موزعة، كما في الجدول الآتي:

جدول رقم (2)

التسلسل   المفردات  المبلغ بالدينار ترليون      المبلغ بالدولار

1-   اجمالي النفقات 148.6    118 مليار

1-أ  النفقات التشغيلية الجارية 113.3    906.0 مليون

1-ب اجمالي النفقات الرأسمالية       35.3      282.4 مليون

يتضح من هذا الجدول الخاص بالنفقات العامة الواردة في الميزانية ان النفقات التشغيلية او الجارية التي تشمل الاجور والرواتب ومستحقات المتقاعدين، وكذلك نفقات البرامج الخاصة والمديونية حيث شكلت جميعها من مجموع النفقات العامة ما نسبته اكثر من 70٪ من مجمل النفقات العامة وهي نسبة كبيرة جدا بحيث ان هذه النسبة لم تتجاوز سابقا نسبة الـ35٪ من الميزانية.

ويعود ذلك الى التضخم الحاصل في عديد موظفي الدولة وبلغت المديونية المتمثلة باقساط الدين الداخلي والخارجي 7.5 مليار دولار وهي تمثل ما نسبته 7٪ من اجمالي النفقات العامة، وشكلت البرامج الخاصة 1.2 مليار دولار وتمثل 1٪ من مجمل النفقات العامة والنفقات الرأسمالية مثلت مبلغا قدره 28 مليار دولار اي 22٪ من مجمع النفقات العامة.

وعليه سيكون اجمالي العجز المخطط 81.181 ترليون دينار وهو ما قيمته بالدولار 64 مليار دولار، حيث بلغت نسبة العجز من اجمالي الموازنة 54٪ وهي اكثر من النصف وهي نسبة كبيرة جدا، وهذا مخالف لقانون الادارة المالية وغير مسبوق في الدولة العراقية ان يكون العجز اكبر من التمويل نفسه.

ومن الممكن ان يغطى هذا العجز من الوفرة المتحققة من زيادة اسعار بيع النفط الخام او زيادة صادرات العراق من النفط الخام او الاقتراض الداخلي والخارجي ومن مبالغ النقد المدورة في حساب وزارة المالية فذهبت السلطة التنفيذية الى خيار القروض وكما موضح في الجدول الآتي والذي يبين اجمالي الايرادات واجمالي النفقات واجمالي العجز ومصادر تمويل العجز:

جدول رقم (4)

ت   المفردات  المبلغ (الف دينار)

1- (أ+ب)      اجمالي الايرادات    67.425.220.454

أ     الايرادات النفطية 86٪    58.227.094.042

ب   الايرادات غير النفطية 14٪    9.198.126.412

2- (أ+ب)      اجمالي النفقات 148.606.809.164

أ     النفقات الجارية = (تشغيلية ، برامج خاصة ، مديونية )      113.311.134.112

ب   اجمالي النفقات الرأسمالية = (رأسمالية موجودات +استثمارية محلية + استثمارية قروض +رأسمالية)  35.295.675.052

–     نفقات رأسمالية 974.218.108

–     الانفاق الاستثماري من الخزينة 21.478.644.944

–     الانفاق الاستثماري عن طريق القروض الاجنبية       10.416.580.000

–     الانفاق الاستثماري عن طريق المصرف العراقي للتجارة ومصرف الرشيد والرافدين     2.426.232.000

3    اجمالي العجز المخطط    81.181.588.710

تمويل الفجوة المالية (العجز)

أ-    خصم حوالات الخزينة لدى البنك المركزي العراقي      30.000.000.000

ب-  الرصيد  المدور في حساب وزارة المالية 5.764.058.741

ج-   قرض المصرف العراقي للتجارة لتمويل مشاريع وزارة الكهرباء والموارد المائية      326.232.000

د-    قرض المصارف الحكومية (الرشيد الرافدين، المصرف العراقي للتجارة)   2.100.000.000

هـ- سندات وطنية   1.500.000.000

و-   قرض ابننك الدولي لتمويل العجز    1.400.000.000

ز-   قرض صندوق النقد الدولي لتمويل العجز 2.600.400.000

ح-   قرض الصندوق السعودي للتنمية     21.276.000

ط-   قرض مؤسسة ضمان الصادرات UKEF البريطانية لتمويل مشاريع البنى التحتية    390.060.000

ي-  قرض الوكالة اليابانية للتعاون الدولي لتمويل العجز  355.000.000

ك-   قرض JBIC     الياباني    189.120.000

ل-   قرض البنك الدولي / مشاريع   666.648.000

م-    قرض وكالة التعاون الامني والدفاع الامريكية  177.300.000

ن-   قرض من البنوك الاجنبية بضمانة مؤسسات الضمانات الدولية لزيادة الطاقة الانتاجية لمحطة كهرباء التاجي     118.200.000

س-  قرض بضمانة مؤسسات ضمان الصادرات الدولية لشراء الاسلحة والاعتدة 591.000.000

ع-   قرض بنك KFW الالماني 118.200.000

ف-  الاقتراض من البنوك الاجنبية بضمانة EKN السويدية      94.560.000

ص- القرض من مؤسسة التمويل الايطالية 53.190.000

ق-   قروض الوكالة اليابانية JICA  مشاريع    1.329.750.000

ر-   الاقتراض من مؤسسة الصادرات الالمانية      189.120.000

ش-  قروض مشاريع الصيانة لوزارة الكهرباء بضمانة مؤسسة الصادرات الدولية لصالح شركة GE الامريكية 141.480.000

ت-  الاقتراض من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية 70.920.000

ث- الاقتراض من وكالة الصادرات البريطاني UKEF لتمويل وزارة الكهرباء 591.000.000

خ-   قرض الصندوق الدولي للتنمية الزراعية   5.910.000

ذ-    الاقتراض من البنوك الاجنبية بضمانة مؤسسات ضمان الصادرات الالمانية وضمان الصادرات العالمية الاخرى لتمويل مشاريع الكهرباء التي ستنفذها شركة سيمنس     236.400.000

ض-       قرض الوكالة الفرنسية للتنمية والحكومة الرنسية       118.200.000

ظ-   الاقتراض من البنوك الاجنبية بضمانة مؤسسات ضمان الصادرات الدولية لتمويل قطاع الكهرباء للمشاريع التي ستنفذها شركة GE الامريكية 177.300.000

ع-   قرض البنك الاسلامي للتنمية 29.550.000

غ-   القرض الصيني 1.776.546.000

ف-  قرض بنك الاستيراد والتصدير الهندي    23.640.000

ق-   قرض وكالة الصادرات الفرنسية     236.400.000

ل-   قرض وكالة الصادرات الكورية      236.400.000

م-    قرض بنك الاستيراد والتصدير الكوري   70.920.000

ن-   قرض بنك الاستيراد والتصدير التركي    70.920.000

ي- سندات خارجية       3.000.000.000

يلاحظ من الجدول اعلاه، ان الحكومة في العراق سائرة باتجاه اغراق البلاد بالقروض، وبالاخص الخارجية منها، كون آثارها الاقتصادية سلبية على الاقتصاد، وبخاصة اذا تم استخدام حصيلة القرض الخارجي لاستيراد سلع استهلاكية من دون ان ينتج عن ذلك اي زيادة في الطاقة الانتاجية للدولة ، فهنا ستظهر الاثار السيئة على الاقتصاد، وعلى وجه الخصوص تحمل عبء تسديد اقساط الدين، وفوائده بالنقد الاجنبي مما يتطلب اقتطاع جزء من ثروة الدولة ، ويعمل على احداث خلل في ميزان مدفوعاتها وخصوصا بالنسبة للعراق الذي يعاني من شحة العملات الاجنبية.

كما تؤثر هذه القروض على سعر صرف عملة العراق عند حلول موعد تسديدها . وان القرض الخارجي يتيح فرصة لتدخل الدول المقرضة في الشؤون الاقتصادية للعراق، واستخدام القرض وسيلة ضغط على العراق كي ينتهج نهجا سياسيا تريده الدولة المقرضة.

أما بالنسبة لايرادات الدولة المتأتية من الضرائب على الدخول والثروات فبلغت ما نسبته 4٪ من مجموع الايرادات العامة والايرادات المتأتية من الضرائب السلعية ورسوم الانتاج بلغت ما نسبته 3٪ من مجموع الايرادات ، وبهذا تكون نسبة مساهمة الضرائب بمجملها 7٪  من مجموع الايرادات العامة للدولة ، وشكلت الرسوم ما نسبته 1٪ من مجموع الايرادات العامة وتعدّ هذه النسب ضئيلة جدا ، وهذا يدل على ضعف الجهاز الضريبي ولم يتمكن من جباية الضرائب، بنحو صحيح، فضلا عن التهرب الضريبي الواسع بسبب الفساد المالي والاداري الموجود في هذا الجهاز ، بالاضافة الى كثرة الاعفاءات الضريبية، التي شملت الكثير من الشركات الأجنبية العاملة في العراق وبالاخص الايرانية منها.

جدول رقم (3)

والجدول الآتي يوضح الايرادات حسب الاعداد لسنة 2020

الاعداد    العنوان    المبلغ ترليون   مليار دولار     النسبة

1    الايرادات النفطية + الثروات المعدنية     58.2      46.4      86.7٪

2    الضرائب على الدخول والثروات     3.4 2.4 4٪

3    الضرائب السلعية ورسوم الانتاج     2.1 1.6 3٪

4    الرسوم    0.924    0.800    1٪

5    حصة الموازنة من ارباح القطاع العام     0.565    0.452    0.5٪

6    الايرادات التحويلية 0.841    0.672    1٪

7    ايرادات اخرى 1.3 1.0 1.3٪

      مجموع الايرادات الجارية      67.378  53.8

8    الايرادات الرأسمالية       0.466    0.1

9    مجموع الايرادات    67.425  53.9

يتضح من الجدول اعلاه ان الايرادات المتأتية من الرسوم والضرائب، نسبتها قليلة جدا، لا تمثل على الاطلاق حجمها الحقيقي فيما جبيت بنحو دقيق وأمين، فشكلت ما نسبته 8٪ من مجموع الايرادات العامة للدولة.

وهنالك الكثير من الايرادات ، التي لم تؤشرها الميزانية والتي لا مجال لدخول بتفاصيلها لانها عديدة ومتنوعة لا يمكن لنا تسليط الضوء عليها بهذه الدراسة، واكتفينا بالاشارة الى اهم ما ورد في الموازنة لسنة 2020 في جانبيها النفقات والايرادات ، وهي كافية لمعرفة نقاط الضعف والقوة إن وجدت في إعداد هذه الموازنة وعليه ندرج أهم الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة.

سادسا : نتائج الدراسة

بعد الاطلاع على الموازنة العامة للعراق لسنة 2020 ودراستها وتحليلها ، تمكنا من الوصول الى بعض النتائج المهمة والاساس وهي كما يأتي :

اولا: ان السلطة السياسية ، التي تتحكم بمقدرات البلد الذي يمتلك موارد بشرية ومادية لا حصر لها ، ليس لديها فكرا سياسيا واقتصاديا واضح المعالم، وليس لديها برامج اقتصادية تنموية واضحة ولا تعي ما تريد وكيف تدير هذه الموارد لمصلحة الشعب ، وليست لديها آليات عمل علمية لخلق تنمية مستدامة ، فعملها لا يعتمد على العلمية وانما تصرفاتها عشوائية مبعثرة غير مدروسة والدليل ما ورد في الموازنة موضوعة البحث والدراسة.

ثانيا : يتضح ان الذين اعدوا الموازنة ليست لديهم الخبرة الكافية ومعرفة خصائص الموازنة واهميتها وقواعدها، بحيث جاءت الموازنة غير ملتزمة بالقواعد الاساس في اعدادها، من حيث شمولية الموازنة وسنويتها ووحدتها وتوازنها.

ثالثا : إن موازنة سنة 2020 لم تعرض ، لحد الآن، على البرلمان في العراق، ولم تأخذ الاذن بالجباية والانفاق، ونحن، الآن ، في نهاية شهر ايلول / سبتمبر فأي انفاق او جباية يعد غير قانوني وغير شرعي، وبهذه الحالة تكون الموازنة قد فقدت قاعدة اساسا من قواعدها ، هي قاعدة سنوية الموازنة.

رابعا: إن من القواعد المهمة في اعداد الموازنة هي قاعدة شمولية الموازنة، وهي ان تذكر في الموازنة ايرادات الدولة كافة مهما كان مصدرها، ونفقاتها كافة مهما كانت انواعها، ولم نجد ذلك في هذه الموازنة فقد أغفلت الموازنة الكثير من مصادر الايرادات والكثير من اوجه الانفاق والقاعدة تؤكد عدم إغفال اي منهما ولأي سبب كان.

خامسا: لم تكن الموازنة دقيقة وواضحة وشاملة وصريحة فهنالك مبالغة في بعض الأرقام، التي وردت وبالاخص استخدام الرقم ترليون من اجل تضخيم الصورة لدى القارئ والترليون هو الف مليار ، بينما الترليون يعادل 800 مليون دولار، وهنالك ارقام وردت في جانب النفقات والايرادات غير دقيقة وغير واقعية وعلى هذا الاساس لم تتوخى الميزانية الدقة والصراحة واعطاء الارقام على حقيقتها.

سادسا : لم تعتمد الموازنة في تحديد الانفاق على التقسيمات القطاعية، او على اساس الوزارات، فجاءت الارقام مبعثرة ووزعت بنحو لا يمكن تحديد نسبة كل قطاع بالنسبة لمجموع الانفاق العام، وعلى هذا الاساس اصبح من الصعب معرفة نسبة الانفاق على قطاع التعليم او قطاع الصحة او بقية الخدمات من مجمل الانفاق العام .

سابعا : ان الميزانية لم تول اهتماما للقطاع الصناعي والقطاع الزراعي والقطاعات  الخدمية الاخرى كالماء والكهرباء ومشاريع الصرف الصحي وغيرها، رغم التخصيصات الكبيرة الموجهة الى وزارة الكهرباء ولكن مع الاسف لم ير العراقيون النور طوال هذه السنوات.

ثامنا : يتضح من الميزانية ان السلطة السياسية ، لم تتمكن من تقليل الفوارق الطبقية، بسبب الخلل في السياسة الضريبية، وان السياسة المالية للدولة لم تحقق العدالة الاجتماعية وعجزت عن تحقيق تنمية اقتصادية من اجل تنشيط الاقتصاد العراقي وزيادة موارده غير النفطية.

تاسعا : لم تتمكن السلطة التنفيذية من تنشيط مصادر الايرادات وتنويعها وهي كثيرة ، واستمرت بالاعتماد على واردات النفط الخام والمعرض للتذبذب والتغيير المستمر، مما يجعل الاعتماد عليه وبنسبة 86٪ امرا فيه مخاوف كبيرة، فعلى سبيل المثال ، تنشيط النظام الضريبي والجباية الضريبية والحد من التهرب الضريبي واعادة النظر بالضرائب، بنحو عام، بما يحقق توزيع الدخل ، وزيادة ايرادات الهيئة العامة للضرائب، بالاضافة الى ذلك ايرادات  المنافذ الحدودية الضخمة العمل على ضبطها وعدم سرقتها وان تتحول جبايتها كلها الى الخزينة وكذلك ايرادات وزارة الاتصال وشبكات الهاتف النقال وهيئة الاتصالات، وشبكات الانترنيت، وهنالك ابواب عديدة تزيد من ايرادات الدولة وتعمل على سد النقص الحاصل (اي العجز في الميزانية) منها ايرادات المطارات وامانة بغداد والتسجيل العقاري والوزارات .

عاشرا : لم تتطرق الميزانية الى موازنات الوقف الشيعي والوقف السني المهولة ، وأين تذهب ولا على مزاد بيع العملة في البنك المركزي العراقي وخسائره بلغت سنويا 4 مليار دولار .

وكلها من الممكن ان تشكل ايرادات للخزينة يعالج منها العجز الحاصل في الموازنة .

أحد عشر : بلغت نسبة العجز في الموازنة 54٪ وهي اكثر من النصف وهي نسبة غير مطروقة في الدولة العراقية، بأن يكون العجز اكبر من التمويل نفسه .

واعتمدت الحكومة على سد العجز عن طريق القروض الداخلية والخارجية مما سيثقل كاهل الاقتصاد العراقي، وستتحمل الحكومة بالاضافة الى مبلغ  القرض الفوائد المترتبة عليه ونعتقد ان الحكومة ستستمر بالاقتراض من الخارج، وهذا سيقود الى تدمير الاقتصاد العراقي ويرهنه الى الخارج . (راجع الجدول رقم «4») .

اثني عشر : يلاحظ من الجدول رقم (2) ان النفقات التشغيلية مثلت النسبة الاكبر من مجمل النفقات العامة وبلغت 70٪ وهي نسبة تؤكد عدم اهتمام السلطة التنفيذية بالعملية الانتاجية وبالاخص في مجالي الصناعة والزراعة وأن جميع أوجه الانفاق لا مردود اجتماعيا او اقتصاديا منه، وهذه تعد نفقات فاشلة اقتصاديا.

ثلاثة عشر : لن تتمكن الموازنة من معرفة الايرادات الهائلة، التي لم تصل الى الخزينة بسبب السرقة واستحواذ قوى سياسية وملشياوية عليها، فضلا عن الايرادات، التي يحصل عليها الاكراد (منطقة الحكم الذاتي) والتي لم تصل الى الميزانية وبالاخص ما يتأتى من ايرادات المنافذ الحدودية والنفط ورواتب البيشمركه الفضائيين منهم وغيرها .

رابع عشر : إن هذه الميزانية صممت بهدف التغطية على الفساد المالي والاداري المستشري في البلد ونخص منهم الرؤوس الكبار والمتنفذين في السلطة والبرلمان والجميع مشاريكن بسرقة أموال العراق وموجوداته، ولم يسهموا ببنائه وتنميته، فهي ميزانية تشغيلية بامتياز وتعتمد على واردات العراق من النفط وعلى القروض الداخلية والخارجية.

خامس عشر : من المعلوم ان الميزانية التخمينية تعد لمدة عام مقبل ويتم اخذ الاذن بالجباية والانفاق وهذا لم يحدث، لحد الآن، وان يقدم الى البرلمان الحساب الختامي في نهاية كل سنة للاطلاع  على الميزانية ، التي تم تحقيقها خلال هذه السنة والاطلاع على نسب التنفيذ وعلى الانحرافات، التي حدثت وبعد ذلك يتم تثبيت الاسباب، التي ادت الى ذلك ويستفسر البرلمان من الجهات المقصرة عن اسباب التقصير وبعدها تتم المصادقة على الحساب الختامي، وهذا لم يحدث منذ سنة 2003 ولحد اليوم، وهو ما يعني العمل على إخفاء الفساد، الذي تمارسه السلطة السياسية والاحزاب والميليشيات المتحكمة بالبلد، كما يعني ان جميع ابواب الصرف والجباية غير شرعية وغير نظامية وغير رسمية ويحاسب عليها القانون والي جرى كله منذ سنة 2003 وحتى اليوم من نفقات وجباية غير شرعي ولا قانوني.

مما تقدم يتبين لدينا أن هذه الموازنة أو التي سبقتها ، لم تعتمد الأسس العلمية والنظرية في اعدادها وبالنتيجة فهي غير نظامية ، ولم تعتمد على اساس فكري واقتصادي، وهي خالية من الفلسفة الاقتصادية ، التي يبنى بها المجتمع ويتطور ، كون الذي يقودون البلد، هم أناس غرباء على البلد ويمارسون اجندات خارجية من اجل تدمير الاقتصاد الوطني ونهب ثرواته وتدمير قدراته المادية والبشرية .

المصادر:

1- الأستاذ الدكتور محمد طاقة – كتاب اقتصاديات المالية العامة، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، الطبعة الثانية 2019.

2- الأستاذ الدكتور محمد طاقة، كتاب أساسيات علم الاقتصاد الجزئي والكلي، دار الاثراء للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 2009.

3- الوقائع العراقية، العدد 4590 في 6/ 7/2020، السنة الحادية والستون، قانون رقم (5) لسنة 2020 (الاقتراض المحلي والخارجي لتمويل العجز المالي لعام 2020).

4- مقترح قانون الموازنة العامة الاتحادية لجمهورية العراق للسنة 2020 والمقدم الى البرلمان العراقي.

الباحث في سطور

* الأستاذ الدكتور محمد طاقة

* مواليد الموصل 17/ 2/ 1948

* حاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية من المدرسة العليا للاقتصاد – برلين 1979

* أستاذ متمرس منذ العام 1996

* لديه عديد كبير من البحوث والدراسات العلمية تجاوزت السبعين

* شارك في العديد من المؤتمرات العلمية داخل العراق وخارجه

* أشرف العديد من طلبة الماجستير والدكتوراه وناقش رسائلهم

* كتب مقالات اقتصادية وسياسية علمية في عديد الصحف والمواقع العراقية والعربية

* رأس تحرير مجلات علمية متخصصة في الاقتصاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى