قراءة في الموازنة العامة للعراق لسنة 2021

دراسة تحليلية - الاستاذ الدكتور محمد طاقة - برلين في 11/1/2021

قراءة اولية للموازنة التخمينية لسنة 2021
بعد الاطلاع على مشروع الموازنة العامة للعراق لسنة 2021 ، فلم أجد أي تغيرات جوهرية عما جاء بموازنة عام 2020 ، ولم أجد ما يستحق التعليق اكثر مما جاء بدراستي الموسومة (قراءة في الموازنة العامة للعراق لسنة 2020 ، دراسة تحليلية ) وان ما ورد في الدراسة من ملاحظات فهي نفسها تنطبق على الموازنة لسنة 2021 ، سوى خلافات بسيطة وغير جدية ، ومن اهم الملاحظات ، كون جميع حكومات الاحتلال وعلى وجه الخصوص منذ عام 2011 ومن فترة طويلة لا يوجد لديها فلسفة واضحة لادارة البلد وعلى وجه الخصوص ادارة الاقتصاد العراقي ولا يوجد لديها سياسة اقتصادية واضحة المعالم، وسيستمر الحال على هذا الوضع، طالما الاحتلال الايراني للعراق ومنذ عام 2011 ولحد هذا اليوم يسعى جاهدا الى تدمير الاقتصاد العراقي وتبديد ثرواته وسرقة امواله ، ولم تسع هذه الحكومات الى خلق تنمية وطنية شاملة، واعادة هيكلة الاقتصاد بالشكل الذي يعالج الاختلالات الهيكلية الذي يعاني منه.
وفيما يأتي أود ان اسجل بعض الملاحظات على موازنة العراق لسنة (2021) ، بالاضافة الى ما ورد من ملاحظات في الدراسة السابقة.
لقد تم احتساب سعر برميل النفط الخام بـ 42 دولار وكما جاء بالموازنة لسنة (2021) ، علما انه في موازنة سنة (2020) تم احتساب سعر البرميل الواحد بـ (40) دولار علما ان قدرات العراق التصديرية لا تتجاوز (3.5) مليون برميل يوميا، وتم احتساب سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار (1450) ، وكما حددته الجهات الرسمية العراقية .
وهذا يعني ان العراق يبيع يوميا بمقدار (147) مليون دولار وتكون مبيعاته خلال شهر واحد (4.5) مليار دولار وفي السنة يصل المبلغ بنحو (52) مليار دولار وهي مبالغ مقاربة جدا لما جاء بالموازنة لسنة (2021) بينما بلغ المبلغ السنوي من بيع النفط نسبة (2020) (46) مليار دولار، بحيث اصبح الفرق في الموازنة لسنة (2020) وسنة (2021) (6) مليار دولار للايرادات المتأتية من فرق بيع سعر البرميل الواحد من النفط .
والجدول الآتي يبين لنا مجمل الايرادات للموازنة العامة لسنة 2020 و 2021 محسوبة بالدولار
التسلسل المفردات موازنة سنة 2020 موازنة سنة 2021

موازنة سنة 2021موازنة سنة 2020المفرداتالتسلسل
63 مليار دولار54 مليار دولاراجمالي االيرادات1
50 مليار دولار46.5 مليار دولارااليرادات النفطية2
13 مليار دولار7.5 مليار دولارااليرادات الغير نفطية3
مجمل الايرادات للموازنة العامة لسنة 2020 و 2021 محسوبة بالدولار



ويلاحظ من الجدول اعلاه ان نسبة مساهمة النفط من الايرادات العامة كانت سنة (2020) بنحو (86٪) ، واصبحت سنة (2021) بنحو (80٪) ، وهذا يؤكد لنا ان الاقتصاد العراقي، هو اقتصاد ريعي وحيد الجانب ولا زال يعتمد على الايرادات النفطية، ويعتمد على المخاطر التي تصيبه جراء التقلبات التي تحدث على اسعار النفط، وان جميع حكومات الاحتلال لن تتمكن من تجاوز هذه المشكلة ، ولا في نيتها ان تعمل على تطوير بقية القطاعات الاقتصادية !!
ويتضح من الجدول ايضا الزيادة التي حصلت على الايرادات الغير نفطية وهي بحدود (5.5) مليار دولار .
والجدول الآتي يبين اجمالي النفقات التي وردت في الموازنة العامة لسنة (2020) و (2021) موزعة كما يلي :
التسلسل المفردات موازنة سنة 2020 موازنة سنة 2021

موازنة سنة 2021موازنة سنة 2020المفرداتالتسلسل
112 مليار دولار118 مليار دولاراجمالي النفقات1
92 مليار دولار90 مليار دولارالنفقات التشغيلية2
20 مليار دولار-28 مليار دولاراجمالي النفقات الرأسمالية3
اجمالي النفقات التي وردت في الموازنة العامة لسنة (2020) و (2021)


يتضح من الجدول اعلاه، ان اجمالي النفقات العامة قد انخفضت عن سنة (2020) بمقدار (6) مليار دولار وان النفقات التشغيلية والجارية التي تشمل الاجور والرواتب ومستحقات المتقاعدين، وكذلك نفقات البرامج الخاصة والمديونية ، قد زادت بمقدار (2) مليار دولار حيث كانت تشكل (70٪) من النفقات العامة ، واصبحت الان تشكل (78٪) من اجمالي الانفاق العام.
وكان بالامكان تخفيض الكثير من النفقات الغير ضرورية والغير مبررة، والتخلص من التضخم الحاصل في اعداد الموظفين الفائضين ، والفضائيين وهم باعداد كبيرة جدا وكما موجود في منطقة الحكم الذاتي ايضا .. بدلا من زيادة النفقات التشيغلية ، كان من الافضل التركيز على النفقات الرأسمالية ، بدلا من تخفيضها بنحو (8) مليار دولار .
ويتضح من الجدولين السابقين ، الخاصين بالايرادات العامة والنفقات العامة، نجد ان اجمالي العجز المخطط لسنة (2020) بلغ (64) مليار دولار، بينما اصبح العجز في موازنة سنة (2021) مبلغا وقدره (49) مليار دولار، اي انخفض بحدود (15) مليار دولار، وهذا حدث في اعتقادنا بسبب احتساب سعر برميل النفط في موازنة سنة (2020) ب (40) دولار، واحتسابه في موازنة سنة (2021) ب (42) دولار ، مما ادى الى زيادة في الايرادات العامة وقلص من مقدار العجز وكما موضح في الجدول الآتي :
جدول يبين نسبة العجز من اجمالي النفقات العامة لموازنتي سنة (2020) (2021)

موازنة سنة 2021موازنة سنة 2020المفرداتالتسلسل
112 مليار دولار118 مليار دولاراجمالي النفقات1
49 مليار دولار64 مليار دولارمقدار العجز2
٪44٪54النسبة المئوية3
نسبة العجز من اجمالي النفقات العامة لموازنتي سنة (2020) (2021)


ويتضح من الجدول اعلاه، ان موازنة سنة (2021) تمكنت من تخفيض نسبة العجز الى (10٪) اي بحدود (15) مليار دولار، ولا زالت نسبة العجز تمثل نسبة كبيرة جدا، وهذا ما يخالف لقانون الادارة المالية، والعجز كان ما يقارب ال (50٪) من اجمالي النفقات ، وهذا امر غير مقبول.
وان سبب ذلك وكما ذكرنا سابقا هو احتساب سعر بيع برميل النفط ب (42) دولار بدلا من (40) دولار لسنة (2020) ، وليس بسبب تحريك عجلة الاقتصاد وتنشيط القطاعات الاقتصادية الاساسية التي يبنى عليها اي اقتصاد (كالصناعة والزراعة وقطاع الخدمات) ، وليس من خلال اللجوء الى زيادة الواردات ومن مصادر عديدة ومتنوعة، بامكانها رفد الموازنة بايرادات كبيرة جدا ، على سبيل المثال لا الحصر ، السيطرة على المنافذ الحدودية، واعادة النظر بجباية الضرائب والاعفاءات من الضرائب والقضاء على التهرب الضريبي، وزيادة الرسوم التي لا تثقل كاهل المواطنين الفقراء وهم كثر، ومتابعة ارباح الشركات والمؤسسات العامة ومحاربة الفساد المالي والاداري، والسعي لارجاع الاموال المهربة الى الخارج، واعادة النظر بالتعاقد مع شبكات الاتصالات والانترنيت، ومتابعة ما يدخل عن طريق المواصلات، وغيرها من مصادر التمويل المتعددة في العراق ، ومنع تهريب النفط والسيطرة عليه ، ومتابعة ذلك مع الاخوة الاكراد في منطقة الحكم الذاتي، وغيرها ، وغيرها …!!
ولكن مع الاسف ان الحكومة، عجزت عن تحقيق كل ذلك، وذهبت الى سياسة الاقتراض من الداخل والخارج لمعالجة العجز في الموازنة، بحيث اصبحت هذه السياسة تثقل كاهل الاقتصاد العراقي، هذا اذا علمنا ان مجموع خدمة الدين العام (اصل الدين وفوائده) وكما جاء بالميزانية لسنة (2021) بلغ بنحو (10) مليار دولار ، وهو مبلغ كبير جدا، ويشكل خطورة كبيرة على مستقبل الاقتصاد العراقي.
كما يلاحظ ايضا، عند الاطلاع على النفقات بشكل تفصيلي ودقيق، نجد هنالك الكثير من النفقات غير مبررة واحيانا مضحكة، ويجد ان مبدأ ونجد لكل نفقة تصرف يجب ان يكون لها مردود اقتصادي ام اجتماعي، فهذا المبدأ غائب تماما عن اذهان المسؤولين ، وما هي الفائدة الاقتصادية والاجتماعية لتخصيص مبلغ (3) مليار دولار للحشد الشعبي ، علما ان هذا المبلغ كان كافيا لتمويل البطاقة التموينية ابان الحكم الوطني ..؟؟ وهذا المبلغ يقارب الى ميزانية عديد من الدول !! كما بلغت نفقات امانة مجلس الوزراء ورئاسة مجلس الوزراء والبرامج الخاصة (والغير معروفة) بنحو (500) مليون دولار كما تم تخصيص مبلغ (13) مليار دولار للمستلزمات السلعية والمستلزمات الخدمية (دون معرفة تفاصيلها) وهذا يعني ان الكثير من النفقات يكتنفها الغموض وليس على درجة كافية من الفهم ، ولم تعطي الموازنة اي اهتمام لقطاع الصحة والتعليم العالي فان نسبة القطاعين لن تتجاوز ( 2 – 3 ٪) ، وهما من اهم القطاعات وبالاخص في هذه المرحلة .
ان هذه الميزانية صممت بهدف التغطية علي الفساد المالي والاداري المستشري في البلد كسابقتها ميزانية سنة (2020) .. !!
اتمنى الرجوع الى ما توصلت اليها الدراسة السابقة لسنة (2020) ، كونها تنطبق على هذه الموازنة .
وأود ان اشير ان الاقتصاد العراقي في خطر شديد ومسألة انقاذه اصبحت عملية معقدة جدا بوجود هذه المنظومة السياسية الفاسدة والموالية الى ايران .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى