يصادف اليوم الثلاثاء الخامس عشر من حزيران ـ يونيو ذكرى صدور أول صحيفة عراقية قبل 152 عاما في عهد الوالي العثماني مدحت باشا، حيث تحولت هذه الذكرى إلى مناسبة سنوية يحتفل فيها الصحفيون العراقيون كل عام.
وصحيفة الزوراء كانت أول صحيفة عراقية صدرت في الخامس عشر من حزيران ـ يونيو عام 1869 حيث تحولت إلى تقليد سنوي منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، نستذكر تاريخ الصحافة العراقية والرعيل الأول من صحفيي العراق الذين قدموا لمهنة الصحافة الكثير؛ لتبقى صامدة مستندة لأخلاقيات المهنة واشتراطات ديمومتها.
وعلى الرغم من أن قائمة رواد الصحافة العراقية تضم وتحفل بمئات الأسماء اللامعة التي قدمت للمهنة عصارة جهدها وخبرتها للأجيال لتستمر هذه المهنة مصانة ومعبرة عن ضمير الشعب ومشاغله، إلا أنني سأتوقف عند كوكبة مبدعة عملت معهم على مدى سنوات، وتعلمت منهم الكثير فيما يتعلق بالمهنة أو بالعمل النقابي في إطار نقابة الصحفيين العراقيين أو في الصحافة العراقية.
لقد اقتربت وعملت مع ثلاثة نقباء خلال العقود الثلاثة التي سبقت الاحتلال وهم: المرحومان سعد قاسم حمودي وطه البصري والدكتور صباح ياسين، فضلًا عن أمين عام اتحاد الصحفيين العرب سجاد الغازي، كما عملت مع المرحوم ضياء عبد الرزاق حسن، وطيب الذكر الزميل أبا علاء محسن حسين، فقد عاصرت هؤلاء الرواد ووجدت في مسيرتهم ما يدعو للفخر بهم، وتميزهم بمواقف مشهودة في خدمة الأسرة الصحفية، وإعلاء شأن الصحافة. تعرفت إلى المرحوم سعد قاسم حمودي نقيبا للصحفيين العراقيين ورئيسا لاتحاد الصحفيين العرب، وكان مخلصا في أداء مهمته، وقبل ذلك صحفيا متميزا من بيت صحفي كان والده المرحوم قاسم حمودي صاحب أشهر جريدة في العراق هي (الحرية).
وثاني الرواد الستة هو المرحوم طه البصري عاصرته على مدى سنوات، وعندما تسلم البصري الراية من سعد قاسم مشى على ذات الدرب التي سلكها سلفه.
والرائد طه البصري عاصرته واقتربت منه فوجدته زاهدا ومخلصا وساعيا للخير، ونزيها وكفؤا وحريصا على إنجاز ما يكلف به، ما نال حبَّ وتقدير العاملين معه في النقابة أو (واع) أو عندما أصبح سفيرا.
والرائد الثالث طيب الذكر صباح ياسين تدرَّج في العمل الصحفي والنقابي حتى أصبح نقيبا للصحفيين، عملت معه ويتميَّز بالحيوية والنشاط، وينحو للتجديد في العمل النقابي خلال عمله أمينا للسر وحتى انتخابه نقيبا للصحفيين وقبل ذلك في صحيفة صوت الفلاح.
وشهدت الفترتان نشاطا محليا وعربيا ودوليا، نهضت بها النقابة ومجلسها، ما وضعها في صدارة النقابات العربية في الدفاع عن حرية الصحافة، وتعزيز وحدة الصحفيين العرب في مواجهة التحديات.
والرائد الرابع عميد الصحافة العراقية سجاد الغازي الذي يُعد من أبرز الصحفيين العراقيين الذين عاصروا العهود التي شهدها العراق، وكان صوتا عراقيا أعطى للمهنة عصارة جهده لأجيال الشباب، فكان مرجعا للعمل الصحفي، وعنوانا في توثيق مسيرة الصحافة العراقية بمساهمته في إصدار قانون النقابة وتقاعد الصحفيين.
كما لا يفوتنا التوقف عند دور الرائد المرحوم ضياء عبد الرزاق حسن (أبو هدى) الذي ترك بصمة في مسيرة الصحافة العراقية وفي العمل المهني في نقابة الصحفيين العراقيين عندما كان أمينا لسرها لسنوات. والرائد أبو هدى متعدد المواهب لتميُّزه في إدارة النقابة وفعالياتها المهنية، وكان محبوبا من الوسط الصحفي، ويمتلك علاقات واسعة مع النقابات الصحفية العراقية والدولية، وكان نشطا ومتميزا في عمله الصحفي خلال مسيرته المهنية.
وسادس كوكب رائد ومبدع هو الزميل أبو علاء محسن حسين ـ أطال الله في عمره ـ هو ثروة صحفية ومهنية، يمتاز بالدقة والتوثيق والمتابعة والكفاءة التي وضعته في صدارة المشهد الصحفي منذ أكثر من نصف قرن، وما زال يعطي للمهنة والعاملين فيها عصارة جهده وخبرته.
لقد عملت مع الكوكب السادس أبي علاء في مجلة ألف باء ووجدته إنسانا نبيلا ومبدعا، وتجربتي معه مليئة بالعطاء والإنجازات من فرط رعايته للمبدعين، وشهدت مجلة ألف باء في عهده، وبدعم من رئيس تحريرها طيب الذكر كامل الشرقي، نجاحا باهرا كرافعة صحفية مبدعة في عالم الصحافة العراقية.
وبهذه المناسبة أقول الرحمة لرواد الصحافة العراقية للراحلين منهم والأحياء، وأرجو المعذرة لاقتصار شهادتي لستة كواكب منهم عملت معهم واقتربت منهم على مدى سنوات، وهذا لا يعني التقليل من دورهم الرائد والمعروف.
695