يدهشنا مؤلف هذا الكتاب بقدراته الكبيرة على السرد الدقيق، ومنذ بداية الكتاب تبدأ رحلتك مع أحداث مترابطة، يتداخل فيها المأساوي والتراجيدي، وما أن تدرك أن مصير (زيدون ومروان) أبناء العم سيكون مأساويا حتى تستغرق أكثر في إبحار متعب ومؤلم وحزين، إنك إزاء حالة من الترقب مع كل سطر في هذا الكتاب الذي صدر بعنوان (يوميات مسافر على طريق أحمر) من تأليف السياسي والباحث الوطني العراقي البارز الدكتور نزار السامرائي، إذ يجتمع ثلاثي في بناء قصة حقيقية، الشابان (مروان وزيدون، قوات الاحتلال الأميركي، وسارد الأحداث بتفاصيلها الدقيقة الدكتور نزار، وهو عم الشابين، كما أنه من أكثر رجال العراق كرها للمحتلين الأميركيين لبلده العراق، ومن أقوى الأصوات التي برزت بعد الغزو والاحتلال في عام 2003 مناهضة لهذا العمل البربري ضدَّ بلاده وشعبه وداعما للمقاومة في العراق).
تبدأ القصة يوم الثامن من شهر كانون الثاني ـ يناير في العام 2004، أي قبيل انقضاء العام الأول على احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، وفي مثل الوقت في كل عام يكون الطقس في العراق في أبرد حالاته على الإطلاق، ونذكر ذلك لعلاقته بالقصة المأساوية التي نحن بصدد الحديث عنها.
قبيل وقت قصير من بداية حظر التجوال الذي تفرضه قوات الاحتلال الأميركي في العراق خوفا من هجمات المقاومين العراقيين التي انتشرت على مساحات واسعة في العراق والذي لم يتوقعه الأميركيون ومن عمل في خدمتهم من العراقيين، في ذلك الوقت وصل إلى مدينة سامراء (100 كم شمال بغداد) أبناء العم زيدون ومروان، وقد تأخرا بسبب عطب أصاب المركبة التي تقلهم، رغم ذلك كان أمامهم الوقت الكافي لبلوغ بيتهم قبل بدء الحظر الليلي.
تفاجأ الشابان (زيدون ومروان) بعدد من الجنود الأميركيين، تم تفتيش المركبة وتوجيه العديد من الأسئلة، لم يجدوا أي شيء في المركبة ومن جانب الشابين فقد أجابا على جميع الأسئلة، كان المكان فوق سدّة سامراء، والمياه تنحدر متدفقة بقوة هائلة وعلى ارتفاع كبير والجوفي غاية البرودة.
في تلك اللحظات ارتكب جنود الاحتلال الأميركي واحدة من جرائمهم البشعة بحق الشابين، زيدون ومروان، فقد تم ركلهما بقوة كبيرة ليسقطا في المياه شديدة القوة وشديدة البرودة.
تمكن مروان بعد صراع مع ما يحيط به صعوبات ومخاطر جمّة من الخروج من ذلك المأزق المرعب، في حين عثروا بعد فترة على جثمان زيدون الذي غرق بعد رميه من قبل الأميركان في سدّة سامراء وسط ظلام دامس.
من جانبه، لم يلتزم الصمت الدكتور نزار السامرائي، وهو عم الشابَّين، ورغم معرفته بأن المحتلين الأميركيين قد ارتكبوا الجرائم وسوف يواصلون ذلك، إلا أنه تحرك بمختلف الاتجاهات لتوثيق هذه الجريمة البشعة.
وجاء كتابه (يوميات مسافر على طريق أحمر) ليقول للعالم وللأجيال، هذه سلوكيات الغزاة الأميركيين، ورغم كل هذه الجرائم فقد سارع عراقيون لدعمهم وحمايتهم والتآمر على المقاومين الذين أذاقوهم العلقم والمرارة.
493