هو سؤال طالما شغلني خلال السنين الماضية،وأعترف أني لا زلت أعاني أحياناً بسبب إنصرافي اللا إرادي للاهتمام بالرسول أكثر من الرسالة! إليكم بعض الأمثلة التي تدلّ على ما أقول:
1. العرب والمسلمون أهتموا بتدقيق السند أكثر بكثير مما أهتموا بتدقيق المتن في الأحاديث النبوية. فالحديثُ غالباً ما يكون عندنا صحيح مادام سنده صحيح او قائله فلان.
2. معظم أحتفالاتنا الدينية بل وحتى الثقافية تدور حول الشخصيات وليس الرسائل والمضامين التي حملتها تلك الشخصيات.ونتفق ونختلف بل ونتصارع على الشخصية،بل ونوصلها حد التأليه الذي يمنعنا من مناقشة كل ما جاءت به.فأذا ألّهنا شخصيةً ما جعلنا كل ما جاءت به فوق مستوى النقاش والنقد.
3. حين نقرأ أي نص نهتم أكثر بمن القائل،أكثر من أهتمامنا بماذا قيل! أذكر هنا كيف أن معلمينا في المراحل الدراسية المختلفة،بما فيها الدكتوراه ،كانوا يصرون على (من القائل) كأحد الأسئلة التقليدية دون أهتمام مماثل بمناقشة ماقاله!
4. أهتمامنا الكبير بالألقاب العلمية وغير العلمية للدلالة على أهميتنا المعنوية والفكرية.ولطالما تحملتُ لوم أقربائي وأصدقائي لأني لا أسبق أسمي عادةً بحرف الدال إعتقاداً منهم أن لقب دكتور سيجعل آرائي ومقولاتي أكثر أثراً وأدق خبراً!
5. تفاخرنا الكبير بالأصول والفروع وكل ما ننتمي له ،مما هو ليس من صنعنا، أكثر من أهتمامنا بمن نحن وماذا قدمنا للآخرين.
هذه بعض الأمثلة،وبأمكانك سيدتي او سيدي القارىء أن تفكر بأمثلة كثيرة في حياتنا. وعلى الرغم من أننا جميعاً،كمسلمين،قرأنا لوم الله للكفار لأنهم رفضوا الإيمان بالإسلام لسببين يتعلقان بالرسول لا بالرسالة، الا اننا لم نتعض من ذلك! فالكفار برروا مثلاً تمسكهم بالكفر لأن ذلك ما آمن به آبائهم بغض النظر عن صحة ومعقولية فحوى ما آمن به أولئك الآباء. كما أنهم قالوا (لولا نُزِّل هذا القرآن على رجلٍ من القريتين عظيم). أي أنهم كانوا سيؤمنوا لو أن هذه الرسالة حملها رسولٌ آخر!
وعلى الرغم أيضاً من أننا طالما نستشهدُ بقول الإمام علي(ع) لا يُعرفُ الحق بالرجال،فأننا مازلنا نهتم بالرجال أكثر من أهتمامنا بالحق!
لقد كانت الخطوة الاولى في أنتقال الأنسان من الحدس الى العلم هي تبني منهجية قائمة على المناقشة والاختبار للفرضيات والمقولات،وليس التسليم بما قالته الأوائلُ. ورغم أهمية المصادر لدعم الآراء العلمية لكنها لا تعد مطلقاً دليلاً على صحة الفرضيات. هكذا تطورت الأمم بفعل فحص واختبار المقولات وليس قائليها. هذا لا ينفي مطلقاً أهمية القائل،كما لا ينفي أهمية الرسول(بالمعنى المجازي للكلمة)،لكنها ببساطة تعني أن الأثر هو الذي يدلُّ على المؤثر،والبعرةُ هي من تدلُّ على البعير وليس العكس!
هنا أعود للسؤال الذي طرحتهُ عنواناً لمقالي،لماذا نهتم بالرسول أكثر من الرسالة؟ الجواب في نظري يعود الى أننا شعوب غيبية. بمعنى أن الأيمان بالغيب والقدر بصيغته الجبرية،يحتل مساحة واسعة من تفكيرنا وتنشئتنا الأجتماعية. وهذا موضوع قد فصّلتُ أسبابه(كما أراها) في عدد من محاضراتي ومقالاتي السابقة. فنحن نتربى على مقولات: ما أدري،بس الله أراد هكذا؛ أو فلان عنده حظ عظيم أو سيء الحظ؛ أو كلشي بيد الله(بمعناها الجبري)؛ أو نقول لأولادنا حين يرفضون ما نمليه عليهم ونعجز عن تفسير ذلك لهم(بكيفي، أو :لأني أنا أريد ذلك!)… الخ من العبارات والسلوكيات التي تحاول قمع أي تفكير نقدي والإعلاء من حالة اليأس والإستسلام لقوة أكبر منّا،تارةً نسميها الله وأخرى نسميها الحظ،وثالثةً نسميها القدر،ورابعةً نسميها طاعة الكبير.وهذه كلها بالمحصلة مسميات تريد منا الاستسلام لمشيئة شخص او غيب او قوة متصورة أكبر منا،وبالتالي عدم نقد وتفنيد المضمون مادام صادر عن تلك القوة.
ان كثير من ممارساتنا التعليمية والتربوية تحضنا على عدم مناقشة القائل والتسليم بما يقول. فنحن نجلس ساعات أمام شيخٍ أو معممٍ وهو يلقي علينا خطبة عصماء مليئة بالتناقضات دون أن يُسمح لنا بمناقشة ماورد فيها،فإن تجرأ أحدٌ وأعترض جوبه بلعناتِ وغضب الآخرين قبل غضب ولعنات المعمم! كما اننا نتعلم في مدارسنا كيفية عدم مناقشة المعلم اكثر مما نتعلم كيفية مناقشة الأفكار. ولازلنا كجيل نفتخر ونقدس مقولة أننا كنا حين نرى معلمنا قد سلك طريقاً فإننا نتجنب ذلك الطريق كي لا يرانا لأن ذلك دليل إحترام المعلم!!
خلاصة القول،نحن قومٌ قد تعلمنا تأليه الشخوص قبل تأليه النصوص. وجعلنا من الرسول دليل على صحة الرسالة بدلاً من العكس. وبدلاً من إعجابنا أو نقدنا للنص،أُعجبنا أو نقدنا الشخص.
ملاحظة: هذا المقال ليس دعوةً للنيل من القدوات والرسل بل هو دعوةٌ لفحص المقولات والمُثُل
756
لا تفاضل واختيار بالدين الاسلامي لانه ( فل بكج) من يؤمن بهذا الدين عليه ان يعتقد بكل ما جاء فيه لانه دين منزل حسبما حدده الاه وليس موضوعا حتى ننظر اليه كل من زاويته .وجاءت الاحاديث مكملة وشارحة للرسالة السماوية ثم كان رواة الحديث ممن عاصر الرسول (ص) فامنوا وضحوا بانفسهم من اجل نصرة الدين ومن تكوينهم واعتقادهم نقلوا الينا ما سمعوه بكل حرفية و اخلاص ولذلك كانت اسمائهم تكفي لنعلم ان هؤلاء صادقين ومخلصين بالنقل وليس تأليههم . الاحترام والوثوق لالنقل هي الصفة التي ميزت هؤلاء ولا يمكن ان نقول اننا الهناهم بل اننا وثقنا بهم ولذلك اصبحت الاحاديث المنقولة عنهم مصدر قوة الاحاديث وصدقها ..بالاضافة الى ان فيها ميزة وهي انها لا تتعارض في نصوصها عن القران الكريم الذي تكفل رب العزة بحفظه.لذلك عزيزي اعتقد انك تحاملت عليهم علينا اذ كانت تربيتنا تعتمد على حرام وعيب وهاتين كلمتان فقط الا انهما ربت اجيال ذو شأن عظيم من الاخلاق الحميدة والاحترام .. نشتري السلعة الغالية لاننا نعلم انها اصلية غير مغشوشة وليست تقليد .وعليه انا أرى ان نتفاخر بهذه التربية من الاحترام وليس التأليه فهناك شعوب تحتفل بمعلميها بمهرجانات …قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم ان يكون رسولا ..فناقلي الحديث الصحيح نبجلهم لذه الاسباب. وشكرا