بين مؤيد ومعارض ينعقد غدا مؤتمر واشنطن الذي ستلتقي فيه قوى وطنية عراقية بعدد من اعضاء الكونغرس الامريكي وشخصيات امريكية اخرى مؤثرة ، وبين هذا وذاك لابد من قراءة هادئة متأنية تتجلى فيها الحكمة والمنطق بعيدا عن التعصب والانكماش ، ولابد من تفكيك المشهد بعقلانية من خلال الوقوف عند الاراء الداعمة والمؤيدة لفكرة المؤتمر، وكذلك بالنسبة لوجهات النظر المعارضة له ..
بدءأ لابد من الانصاف بأن القوى الوطنية العراقية اصبحت تقف لوحدها في الساحة تواجه عدة اطراف وجهات معادية للعراق ، بعد ان امتنعت او تخلت عن الوقوف الى جانبها الدول العربية ، والاكثر من ذلك ان القوى الوطنية حوربت من دول بعينها ووصمتها بصفة “الارهاب” ومنعتها من ممارسة حقها ولو من عقد اجتماع على اراضيها ، وهنا علينا ان نعترف ان هذه القوى اصبحت محاصرة تماما ، الامر الذي حدا بها ان تبحث عن منافذ يمكن من خلالها ان تفك الحصار عن نفسها بهدف الوصول الى الغايات الوطنية .
ومن هنا وجدوا في فكرة اللقاء مع شخصيات امريكية يمكن لها ان تؤثر في تعديل او تصحيح خط المسار الامريكي من الداخل الامريكي ازاء مايجري في العراق امرا صائبا فيما لو تحقق .. وهذه باختصار رؤية المؤيدين والداعمين لانعقاد المؤتمر تجسيدا لقول ان السياسة فن الممكن ..
اما عن المعارضين لمؤتمر واشنطن وهي شخصيات لايشك بولاءها للعراق وهدفها بانقاذه تحرم التعامل مع المحتل الامريكي الذي دمر العراق واوصله الى هذا الحال ، مثلما ترفض التعامل مع شخوص بذاتهم لانهم اول من كانوا قد وطأت اقدامهم اراضينا بحماية الجنود الامريكان الغازين للوطن ، وتعتبر ذلك تنازلا او ضعفا غير مسبوق من القوى الوطنية المعارضة امام اناس كانوا بالامس اقل مايقال عنهم انهم عملاء دفعوا وازروا الامريكان فكيف تمتد الايدي اليوم لمصافحتهم ..؟
وبالاضافة لذلك فأن الرافضين لانعقاد هذا الاجتماع يؤكدون عدم ثقتهم بالجانب الامريكي وبسياسة اللعب على الحبل الايراني لمصالحه وليس معاداة لايران انطلاقا من نظرتهم التي تقول ان الامريكان قادرين لو ارادوا تغيير او تصحيح مافعلوه في العراق ووقف التغول الايراني دون الحاجة الى مؤتمر في واشنطن او غيرها .
وهذا ماتمليه الامانة الصحفية في توثيق المواقف المؤيدة والمعارضة وليس انحيازا لطرف على حساب اخر ، ولعمري انه الاختلاف في الوطنية الحقة الذي لاينبعث او ينطلق من مقاصد نفعية او ذاتية وذلك امر في غاية الاهمية هو ان يكون ميزان الاختلاف لغايات الخلاص الوطني في ظرف معقد للغاية يضع مستقبل البلاد على كف عفريت كما يقولون .
وبعد تقديم الرؤى ووجهات النظر المختلفة في هذا السطور المتواضعة ، لايمكننا ان نجتهد بأحقية من في موقفه ، فلكل له حيثياته واسبابه التي ينطلق منها .. الا اننا مع كل الخيرين في الوطن الذين يرون في حوار وطني شامل لجميع الاطراف والقوى الوطنية المعارضة .
انها الازمة التي يمكن ان نحولها الى تكامل وطني رحب …
مادام العراق ضمن شعار إسرائيل (أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل)…
فلن يستقر بالتعاون مع أمريكا حامية إسرائيل وأمها ابدا.