مؤشرات ودلائل هجوم اميركي إسرائيلي على ايران قاب قوسين او ادنى

ان تحليل اي عمل عسكري دولي واسع خاصة اذا كان بمستوى الهجوم ينبغي ان يكون التحليل مبني على مؤشرات ودلائل سياسة بشكل عام وعسكرية بشكل خاص حيث ان التحشدات العسكرية الأستراتيجية الهائلة والمكلفة جداً لم تأتي لغرض النزهه الا لغرض مهمة كبيرة واسعه وسريعة ومدمره لذلك :
اعتقد ان ضربة عسكرية أمريكية اسرائيلية ضد منشآت ايران النووية وضد غيرها من المواقع الاستراتيجية المهمة في عمق الاراضي الايرانية باتت وشيكة للغاية.. وسوف يكون هدفها هو التدمير النهائي والشامل للبرنامج النووي الايراني حتي لا تقوم له قائمة ، واحباط مسعي النظام الايراني الحاكم لامتلاك رادع نووي في المدي المنظور ، وقد يتسع اطار هذه الضربة ليشمل ايضا مواقع انتاج وتخزين صواريخ ايران الباليستية وغيرها من الاهداف الداعمة لبرامجها التسليحية بنوعياتها وقدراتها التدميرية المختلفة ، فضلا عن مقرات الحرس الثوري الايراني الذي يمثل احد اهم اعمدة نظام الحكم في ايران واخطر مراكز قوته التي يدافع بها عن نفسه وذراعه الطويلة التي يضرب بها في بعض دول الجوار وينفذ من خلالها مخططاته فيها.. .. …..

وبهذه الضربة الاستراتيجية القاتلة لبرامج ايران التسليحية ولطموحاتها النووية ولمساعيها للهيمنة الاقليمية ، سيحاول الرئيس ترامب ان يقطع الطريق علي الرئيس القادم بايدن وادارته في العودة الي الاتفاق النووي الايراني الذي انسحب منه في مايو ٢٠١٨ من منطلق الانتقادات العنيفة التي وجهها اليه وقتها …. وبمعني آخر ، فسوف يحاول الرئيس ترامب المنتهية ولايته وضع ادارة بايدن القادمة امام امر واقع جديد يجعل من الصعب تماما بالنسبة لها الدخول من جديد في علاقة تفاوضية مع ايران بعد ان يكون قد تم محو معالم برنامجها النووي ولم يعد ثمة ما يمكن التفاوض عليه معها وبعد ان تكون المشاعر والعلاقات العدائية بين الدولتين قد وصلت ذروتها من التوتر والعداء وانعدام الثقة المتبادلة……

والاحتمال الارجح في اعتقادي هو انه لن تستخدم اسلحة نووية في الضربة العسكرية الامريكية الاسرائيلية القادمة ضد ايران لمخاطرها البيئية الرهيبة التي قد لا تسلم منها دولة واحدة في العالم ، ولتجنب الادانات السياسية الدولية العنيفة لهما لانتفاء المبرر الداعي لاستخدامهما مثل هذه النوعية من اسلحة الدمار الشامل في مثل هذا النزاع الدولي المحدود الاهمية والنطاق والاهداف ، ولكن سوف تستخدم الدولتان بدلا منها ما يعرف بالاسلحة فوق التقليدية التي تتمتع بقدرات تدميرية جبارة وان كانت تظل دون مستوي الابادة الشاملة للبشر والحجر كما هو الحال مع الاسلحة النووية بفظاعتها واهوالها التدميرية المعروفة عنها.. وقد سبق لاسرائيل تجربة هذا النوع من الاسلحة فوق التقليدية الامريكية الصنع بقدرتها الخارقة علي تدمير حوائط المفاعلات النووية مهما كانت درجة سمكها او صلابتها حتي لو بلغت عدة امتار ، في تدمير المفاعل النووي العراقي تموز في يونيو عام ١٩٨١ ، ومحو معالمه تماما من الوجود في غارة جوية اسرائيلية لم تستغرق سوي بضع ساعات تحول هذا المفاعل النووي بعدها الي مجموعة انقاض واطلال ولينتهي المشروع النووي العراقي الي الابد.. واذاكان هذا هو ما حدث منذ اربعين عاما، فما بالنا بما طرأ علي هذه النوعية الخطيرة من الاسلحة الامريكية فوق التقليدية من تطوير وتحديث تقني هائل الآن ؟ وعلي اي حال فنحن امام تحد هائل لآلتي الحرب في الدولتين الامريكية والاسرائيلية لان المقارنة بين ايران اليوم والعراق في الماضي قد لا تعكس الواقع علي حقيقته….كما ان العراق لم يكن يملك سوي مفاعل نووي واحد صغير لم يكن قد دخل مرحلة التشغيل بعد، بخلاف شبكة المفاعلات النووية الايرانية العملاقة التي تتوزع في نطاق جغرافي اوسع مدي بكثير وتتمتع بحماية صاروخية قوية لها فضلا عن انها مفاعلات ساخنة وليست مفاعلات باردة كمفاعل تموز العراقي.. …..

واعتقد ان القطع البحرية الامريكية والاسرائيلية المجهزة بصواريخ نووية والتي عبرت قناة السويس منذ ايام في طريقها الي الخليج في تحد مكشوف وسافر لايران ، سوف تكون مهمتها الاساسية هي ردع ايران عن التهور في انتقامها من الضربة التي ستدمر لها خططها النووية التي تحملت من اجلها كل هذه المخاطر والاعباء والتكاليف التي ارهقت الايرانيين ودمرت لهم حياتهم ، وليس لاطلاق هذه الصواريخ النووية الامريكية والاسرائيلية علي المواقع الاستراتيجية المستهدفة في اراضيها ، ولا يخفي ان لدي الامريكيين والاسرائيليين منظومة كبيرة ودقيقة هي الاحدث عالميا من اقمار التجسس الفضائية التي تحلق ليل نهار فوق ايران وفوق منطقة الشرق الاوسط برمتها مما سيوفر لتنفيذ الضربة العسكرية المرتقبة الدرجة القصوي الممكنة من الدقة والفاعلية والسرعة…ولا أشك في ان الايام القادمة ستكون حاسمة وقد تاخذ هذه المنطقة وراءها في اتجاه يصعب التكهن بمضاعفاته او بمدي ما يمكن ان توثر به من عواقب وتداعيات وخيمة علي الجميع… ….

اللواء الركن فيصل الدليمي

رئيس منظمة عين للتوثيق والعدالة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى