ماراثون الانتخابات الاميركية

تكاد كل وسائل الاعلام و التواصل الاجتماعي منغمرة في الايقاع الانتخابي للولايات المتحدة رئيسا و كونغرس الا ان الرئاسة تحظى بالاهتمام الاكبر و كذلك الدول الكبرى او جوار الولايات المتحدة و الشرق الاوسط و يعود ذلك الى دور مؤسسة الرئاسة.

حيث يعتبر رئيس الجمهورية الاميركية هو رئيس الدولة الفعلي طوال مدته الانتخابية المحددة دستوريا باربعة سنوات و من خلال السلطات الممنوحة للرئيس تنبثق الاجهزة و المؤسسات التنفيذية و سلطاتها التي تشكل بمجموعها الادارة الفيدرالية للدولة الاميركية و هذا يتوافق مع ما كان يصبو اليه الاباء المؤسسين في سنة 1987 و عبر عن ذلك (بنيامين فرانكلين) حيث كانوا يأملون في دور نافذ لمؤسسة الرئاسة لا في الولايات المتحدة بل في تزعم العالم في مرحلة تأريخية لاحقة و هذه المهمة الخطيرة تتطلب اشخاص و مؤسسات لديها من السلطات ما يؤهلها للقيام بأعباء تلك الادوارو ان الرئيس دستوريا ممثل لكل الامة التي تنتخبه بارادتها الحرة.

مقالات ذات صلة

كما ان القسم الاول من المادة الثانية من الدستور الامريكي تنص (على تفويض السلطة التنفيذية لرئيس الولايات المتحدة) و أن القسم الثاني منها ينص ان يكون الرئيس قائد لجيش الولايات المتحدة.

و بما ان النظام السياسي في الولايات المتحدة يقوم على احتكار الحزبين الديمقراطي و الجمهوري للسلطة منذ تأسيس الحزب الديمقراطي الاول 1828 و الحزب الجمهوري الثاني 1854 و اذا كان الاول الديمقراطي يمثل وجه اخر للاحتكارات الرأسمالية و يغلب على المنتمين اليه الرأسماليين ذا الطابع المدني فان الحزب الجمهوري هو حزب الاحتكارات الرأسمالية (صناعة النفط و الطيران و التعدين و السفن و المجمع الصناعي العسكري) اي انه حزب النخبة المحافظة في الاثرياء.

و على الرغم من التطورات في بنية و سياسات الولايات المتحدة و البصمات التي تميزت بها فترات الرئيس جون كيندي الذي تم اغتياله عام 1963 و توجهات الرئيس بيل  كلينتون (1993-2000) الاقتصادية و البصمات التي تركها الرئيس اوباما (2008-2016) في مجالات الصحة و العمل الاجتماعي  الا انه يمكن القول انه العقد الاجتماعي الاميركي ما زال قائما على العنصرية و العدوانية (حيث بلغ عدد القتلى في فترات حكم جورج بوش الاب مرورا بكلينتون و بوش الابن و ترامب 1 مليون نتيجة حروبهم و بدون محاسبة او اعتذارو خصوصا ما تم في ولاية جورج بوش الابن في العراق و افغانستان.

و كل من الرؤساء المذكورين ترك بصماته الشخصية و حزبه و القوى التي تقف خلفه من لوبيات واجهزة اعلام و احتكارات و اموال المتبرعين

الانتخابات الامريكية 2020

يتوجه المتنافسان على منصب رئاسة الجمهورية دونالد ترامب الذي انقضى على رئاسته الجمهورية 4 سنوات نسف فيها كثير من تراث اسلافه الجمهوريين و الديمقراطيين عندما الغى اتفاقية المناخ و اتفاقية

المحيط الهادي و اعادة النظرباتفاقية النفتا مع جيرانه كندا و المكسيك و فرض الضرائب على الصين بقيمة 360 مليار دولار و الغاء اتفاقية البرنامج النووي مع ايران و تشديد العقوبات الى الحد الاقصى على ايران و تجميد العمل بالبرنامج الصحي للرئيس اوباما (اوباما كير) و ارتفاع مؤشرات الاسهم الامريكية داو جونز و اخواتها و انخفاض البطالة و الذين سرقته انتشار كورونا (كوفيد 19) التي جعلت الولايات المتحدة تضرب الرقم القياسي في الاصابات 9 مليون و الوفيات 220 الف وفاة و احداث عنصرية في بعض الولايات مع انتقادات موجهة له من المحافظين الحقيقيين الذين صوتوا لصالح رؤساء جمهوريين تحت امرتهم مثل الصحفي ديفيد كروم و كولن باول…….الخ.

يواجهه بايدن نائب الرئيس السابق اوباما بخدمات في الدولة و الكونغرس مدة 37 سنة و معه الملايين من الطبقة الوسطى و اليساريين و ابناء الاقليات من سود و لاتين و عرب و مسلمين الذين اّلم بهم خطر  توجهات ترامب و قرارته بضاف الى ذلك توجه بايدن و الحزب الديمقراطي بالضد من هذه توجهات و اسلوب و قرارات ترامب سواء باتجاه العودة الى اتفاقية المناخ و اتفاقية المحيط الهادي و المحافظة على العلاقة التأريخية لحلف الناتو و الاتحاد الاوروبي و تخفيف  التوتر مع الصين و ربما التوصل الى صيغة جديدة للاتفاقية النووية مع ايران و التي يلاقي فيها ترامب التأييد من معظم الدول العربية و اسرائيل و الاخيرة حصلت على مكاسب تأريخية لم يتجرأ اي رئيس امريكي ان يقدمها (الاعتراف بالقدس عاصمة اسرائيلو التطبيع مع بعض الدول العربية) و ترسيم الحدود البحرية مع لبنان و الاعتراف بحق اسرائيل في الجولان و كذلك الحصول على الاسلحة النوعية بدون منافسة جيرانها الشرق اوسطيين.
الفوز في الانتخابات الامريكية

و اذ كان لي السبق في الاعتقاد بفوز بايدن و هو ما افضيت عنه قبل تفشي جائحة كورونا و تداعياتها اعتقادا مني بان ترامب ظاهرة شخصية و سياسية في تأريخ الولايات المتحدة له هفوات في التصرف الشخصي و طغيان اسلوب رجل الاعمال و الاعلامي السابق على اسلوب ادارته الحكم و ان منهجه في الحكم الذي ينطلق من مبدأ(اميركا اولا) ادى الى عزلته عن حلفاؤه الاوربيين و شجع على بروز الحكام الشعبويين في العالم على حساب الديمقراطية و حقوق الانسان و هذا مما ادى الى انتقاص الدور القيادي الاميركي في العالم.

كل هذا لا يعفينا و يجعلنا ان نقفز على لجوء ترامب الى اساليب يتفنن بها لتعطيل او تأجيل فوز منافسه بايدن ولو لفترة و ذلك بالتعكز على الاشكالات التي تنجم عن فرز الاصوات و التصويت بالبريد و غيرها من الثغرات القانونية و الفنية و بالذات في الولايات المتأرجحة (ميشيغن-بنسلفانيا-دويسكونسن)

الا انني لازلت اعتقد بفوز بايدن في هذه الانتخابات و علينا كعراقيين الاستعداد للتغيير في اتجاهات سياسته و حزبه الديمقراطي في المنطقة و لكن ليس بالشكل الدراماتيكي الذي يروج له البعض والقفز على كل المعطيات القائمة مع وجود مجلس شيوخ قد يسيطرعليه الجمهوريين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى