ما الغاية من انتشار القوات الامريكية في المنطقة

يتابع الجميع في دول المنطقة بحذر على ما يجري من انتشار عسكري امريكي خصوصاً في العراق وسوريا بالاضافة الى تواجد البوارج الحربية وحاملات الطائرات في المياه القريبة من ايران ومنطقة الخليج العربي ومضيق هرمز، وفي حينها ادعت امريكا سبب هذا التواجد لحماية السفن من الاعتداءات الايرانية .. بينما انقسمت الاراء ما بين الحقيقة والخيال حول ما سيحدث في المنطقة وهناك من زمر وطبل بان القيامة سوف تقوم على رؤوس الفصائل والميليشيات في العراق وسوريا وهناك من شكك واعتبرها زوبعة في فنجان كما كان يحدث في السابق ومن ثم يعود كل شيئ الى ما كان عليه في الوقت ان الجميع يعلم ان اغلب استراتيجيات الدول الكبرى وتصرفاتها لم تكن قائمة على وضوح تام حيث تفعل غير ما تقول والعكس صحيح، ويبقى السؤال ما الغاية من تحركات هذة القوات والاساطيل الحربية في المنطقة، لا نبالغ اذا قلنا ان هناك اتفاق مبطن بين الولايات المتحدة وايران او لنقول ان ايران اعطت مبرر لانتشار الاساطيل البحرية الامريكي في مياه الخليج من خلال الاعتداءات المتكررة على ناقلات النفط لان غاية الولايات المتحدة في هذة المرحلة احكام السيطرة على الممرات المائية في المنطقة لان هم امريكا بعد الحرب الروسية الاوكرانية التحكم في اسعار النفط كونها سلعة استراتيجية يتحقق من ورائها معطيات سياسية في الوقت الذي رأت امريكا انحسار هيمنتها في التحكم بالاسعار خصوصاً بعد رفض السعودية الانصياع الى طلب تخفيض اسعار النفط وفق ما يتماشى مع الاجندة الامريكية مما سبب لها مواقف محرجة في موازين الحرب الاوكرانية الروسية لذلك ارادت التحكم في مسار خطوط امدادات الطاقة من خلال التحكم في المواصلات والمسارات البحرية لسير ناقلات النفط بعد احكام وجودها العسكري ونشر اساطيلها في بحر العرب والخليج العربي ومضيق هرمز، لارباك عمليات التصدير وبالتالي ارباك في استقرار الاسعار بحجة حماية السفن من الاعتداءات الايرانية .. مما يعني ان حقيقة هذا التواجد لغرض سيطرة امريكا على الممرات الدولية للتحكم في حركة السفن المحملة بالنفط الذاهبة الى اوربا او الصين او دول اسيا او لشتى بقاء العالم من اجل ان يكون لها دور في مسار توزيع منتجات الطاقة من خلال التحكم في الممرات المائية وحركة سير السفن وبالتالي التحكم في الاسعار وفق قوانين العرض والطلب دون حاجة الى محاولات الضغط على الدول المنتجة التي لم تنصاع الى الطلبات الامريكية، مما يعني ان الاستراتيجية الاميركية الجديدة من خلال انتشارها العسكري في المنطقة هي بالاساس السيطرة على خطوط امداد الطاقة وليس كما يروج الحالمون بإنهاء الحكم في العراق لان المستهدف بالدرجة الاولى من وراء كل هذة الهلمه هم دول الخليج وبالاخص السعودية لان الغاية منعهم من التحكم في اسعار النفط .. ولكن السؤال ما دخل هذا الموضوع في الانتشار العسكري على الحدود السورية العراقية، في الحقيقة يعتبر العراق حالة استثنائية بالنسبة لامريكا حيث اتفقت مع ايران قبل الاحتلال وفق معادلة لكم فوق الارض ولنا تحت الارض حيث كانت ايران ليست بحاجة الى اموال العراق الذي خرج مفلساً بعد حرب الكويت وانما بحاجة الى هيمنة سياسية من خلال السيطرة المذهبية والدينية على العراق لاغراض متعددة منها الانتقام من العراق وشعبة للخسارة التي منيت بها خلال حرب الثمان سنوات ومنها ايضاً الموقع الاستراتيجي لتكوين محور او هلال شيعي في المنطقة وهذا لم يضر امريكا في شيء ما دام لها ما تريد تحت الارض من ثروات .. ولكن التطورات التي حصلت في المنطقة منها الحرب الروسية الاوكرانية والخطأ الفادح الذي وقعت فيه ايران باعلان انضمامها الى المحور الروسي وتزيد بوتن بالطائرات المسيرة والتحدي في تخصيب اليورانيوم والمماطلة سنين طويلة بعدم التوصل الى اتفاق بشأن النووي الايراني والذي من تبعياته العقوبات الاقتصادية التي انهكت القدرات المالية للدولة الايرانية مما جعلها تمد يدها على اموال وثروات العراق التي اعتبرتها امريكا أخلال بالاتفاقيات المبطنة بين الطرفين فبدء ينقلب السحر على الساحر لهذا جيشت امريكا جيوشها في المنطقة لترمي عدة عصافير بحجر اولها السيطرة على ممرات النفط والتحكم في انسيابية التصدير لكي تستطيع التحكم في الاسعار كما مبين انفاً. وايضاً معاقبة ايران على تلك المواقف من خلال اغلاق الحدود بين العراق وسوريا ليتسنى عزل الامدادات وتدفق الاسلحة الى ميليشياتها المتواجدة هناك أي قطع اذرعها وتصفية ذيولها لتضيق الخناق على ايران من اجل القبول بالشروط الامريكية بعدما ذاقت ذرعاً بالحيل والاكاذيب والمراوغات الايرانية واتباعها في العراق الذي تأكد ولائهم الكامل لايران لهذا لوحت امريكا بالحديدة الحارة وفق خطوات صارمة ومحسوبة ادت الى ظهور عمليات انسحاب للميليشيات العراقية من المناطق الحدودية، بمعنى ان الجعجعة الامريكية ليست الا جرة اذن لحلفائها الحقيقين في المنطقة لان امريكا لا يهمها افعال الاشخاص سواء نهب ثروات بلدهم او قتل ابناء شعبهم وانما يهمها سلوك منظومة الحكم التي تعتبرها متوافقة مع الاجندة الامريكية لهذا بالتأكيد لن تصل الامور الى تغيير النظام في العراق او الى حرب الشاملة في المنطقة لان امريكا على ابواب الانتخابات ويأمل الحزب الديمقراطي الفوز من خلال تحقيق نصر سياسي غايته تحجيم ايران وقبول شروطها وتركيع ذيولها في العراق على اقل تقدير وهذا يبدو ما سوف يحصل من خلال الضغوط الامريكية الجادة وليس كما يروج البعض في الاعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي من تهويل واقتراب ازاحة النظام في العراق وسوريا لان قراءة الاحداث تنبع من معطيات الواقع وليس وفق التمنيات والاحلام لان كل الدول الاقليمية والعالمية لها مصلحة في بقاء انظمة الدولتين على حالهم وربما تقتضي المصلحة في القادم من الايام الى تجزئة البلدين مما يعني ان ما يحصل الان هو محاولة لترويض المواطن العراقي تدريجياً من خلال بث الامل بالخلاص ثم قتل هذا الامل ليتسنى خذلان نفسية المجتمع بكل طبقاته عند ابقاء الاوضاع على ما عليها وتكرار تسويق نفس الوجوه لان الخطورة تكمن في الخوف من وعي جماهيري عابر للطائفية والعشائرية والحزبية المذهبية والمناطقية التي رسخها الاحتلال قد يؤدي الى رد فعل شعبي متى ما استوفت الارادة الوطنية مقوماتها.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى