بعد الاطلاع على الموازنة العامة للعراق لسنة ٢٠٢٠ وجدنا ان الموازنة أحتسبت الإيرادات المخمنة من تصدير النفط الخام على أساس معدل سعر( ٤٠،٥١ ) دولار ومعدل تصدير قدره ( ٣٠٣٣٢٧٣) مليون برميل يوميا ، وهذا يعني ان ما يدخل للميزانية يوميا مبلغ يقدر ب ١٢٣ مليون دولار يوميا ، ولم تأخذ الموازنة بنظر الاعتبار التذبذب ، الذي من الممكن أن يحصل بكمية الانتاج والاسعار. ومقابل ذلك وحسب ما تشير الكثير من الإحصاءات الى أن مبيعات البنك المركزي من العملات الصعبة تتراوح ما بين ١٥٠ – ٢٠٠ مليون دولار يوميا.
وهذا يعني ان مبيعات البنك المركزي العراقي من العملات الصعبة اكثر من تدفقات العملة الصعبة المتأتية من مبيعات النفط الخام بمقدار ( ٧٧ ) مليون دولار يوميا ، اي ٢،٣ مليار دولار شهريا.
هذا اذا علمنا ان مبيعات البنك المركزي من العملات الصعبة بلغت ( ٤،٦ ) مليار دولار شهريا ، أي ضعف التدفقات من العملة الصعبة ، علما ان هذه المبالغ ، التي تشتريها بنوك إيرانية تعمل في العراق تحول جميعها الى طهران ودمشق وحزب الله في لبنان.
بهذا لا يستغرب أحد من وجود عجز في الموازنة العامة لسنة ٢٠٢٠ بمقدار ( ٦٤ ) مليار دولار ، وما يعادل ٥٤ بالمئة من الموازنة
وهي اكثر من نصف الإيرادات وهي نسبة مخالفة لقانون الادارة المالية ، وهو ما يضطر الحكومة الى تغطية هذه الفروقات عن طريق الاقتراض الداخلي والخارجي.فقد تمت تغطية هذا الطلب على الدولار من احتياطي البنك المركزي من العملة الصعبة.
وإذا استمر الوضع ، الذي تصر حكومة الاحتلال على سلوكه ، على هذا المنوال فنحن مقبلون على انهيار اقتصادي وشيك ، سيقود حتما الى عجز الحكومة عن صرف مستحقات الحياة ، أي رواتب الموظفين والمتقاعدين ، وبقية النفقات التشغيلية.
إذن هكذا يدير الاقتصاد العراقي أناس أميون وسراق ويجرون البلاد من كارثة الى كارثة ، ويسلمونها الى مصير مجهول.
إن أي خبير اقتصادي يطّلع على ما يجري في العراق يقر ، من فوره ، ان السياسة الاقتصادية المتبعة في البلاد هي سياسة مقصودة ومتعمدة من أجل تدمير الاقتصاد العراقي وسرقة ثرواته ، وإغراق العراق بالديون لآماد طويلة ، من خلال سياسة الاقتراض من الخارج والفوائد المترتبة على ذلك مما سيثقل كاهل الاقتصاد العراقي وكاهل الأجيال المقبلة ، إلى أمد بعيد.

816