ما هكذا يدار الاقتصاد.. أيها السراق !!

أ. د. محمد طاقة

بعد الاطلاع على الموازنة العامة للعراق لسنة ٢٠٢٠ وجدنا ان الموازنة أحتسبت الإيرادات المخمنة من تصدير النفط الخام على أساس معدل سعر( ٤٠،٥١ ) دولار ومعدل تصدير قدره ( ٣٠٣٣٢٧٣) مليون برميل يوميا ، وهذا يعني ان ما يدخل للميزانية يوميا مبلغ يقدر ب ١٢٣ مليون دولار يوميا ، ولم تأخذ الموازنة بنظر الاعتبار التذبذب ، الذي من الممكن أن يحصل بكمية الانتاج والاسعار. ومقابل ذلك وحسب ما تشير الكثير من الإحصاءات الى أن مبيعات البنك المركزي من العملات الصعبة تتراوح ما بين ١٥٠ – ٢٠٠ مليون دولار يوميا.
وهذا يعني ان مبيعات البنك المركزي العراقي من العملات الصعبة اكثر من تدفقات العملة الصعبة المتأتية من مبيعات النفط الخام بمقدار ( ٧٧ ) مليون دولار يوميا ، اي ٢،٣ مليار دولار شهريا.
هذا اذا علمنا ان مبيعات البنك المركزي من العملات الصعبة بلغت ( ٤،٦ ) مليار دولار شهريا ، أي ضعف التدفقات من العملة الصعبة ، علما ان هذه المبالغ ، التي تشتريها بنوك إيرانية تعمل في العراق تحول جميعها الى طهران ودمشق وحزب الله في لبنان.
بهذا لا يستغرب أحد من وجود عجز في الموازنة العامة لسنة ٢٠٢٠ بمقدار ( ٦٤ ) مليار دولار ، وما يعادل ٥٤ بالمئة من الموازنة
وهي اكثر من نصف الإيرادات وهي نسبة مخالفة لقانون الادارة المالية ، وهو ما يضطر الحكومة الى تغطية هذه الفروقات عن طريق الاقتراض الداخلي والخارجي.فقد تمت تغطية هذا الطلب على الدولار من احتياطي البنك المركزي من العملة الصعبة.
وإذا استمر الوضع ، الذي تصر حكومة الاحتلال على سلوكه ، على هذا المنوال فنحن مقبلون على انهيار اقتصادي وشيك ، سيقود حتما الى عجز الحكومة عن صرف مستحقات الحياة ، أي رواتب الموظفين والمتقاعدين ، وبقية النفقات التشغيلية.
إذن هكذا يدير الاقتصاد العراقي أناس أميون وسراق ويجرون البلاد من كارثة الى كارثة ، ويسلمونها الى مصير مجهول.
إن أي خبير اقتصادي يطّلع على ما يجري في العراق يقر ، من فوره ، ان السياسة الاقتصادية المتبعة في البلاد هي سياسة مقصودة ومتعمدة من أجل تدمير الاقتصاد العراقي وسرقة ثرواته ، وإغراق العراق بالديون لآماد طويلة ، من خلال سياسة الاقتراض من الخارج والفوائد المترتبة على ذلك مما سيثقل كاهل الاقتصاد العراقي وكاهل الأجيال المقبلة ، إلى أمد بعيد.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى