مقاطعة الإنتخابات أم المشاركة فيها .. قضية للحوار

جعفر المظفر

في الإنتخابات السابقة كنت من ضمن أولئك الذين دعوا إلى مقاطعة الإنتخابات.
حينما قالوا لنا إنكم بهذا تحرمون قوى التغيير من الدخول إلى البرلمان قلنا : بنا أو بدوننا فإن قوى التغيير ممنوعة من الدخول , فإن دخل بعضها فستكون هناك طرقا عديدة عديدة لجعل هذا البعض لا يتحدث إلا بصوت مبحوح وغير مسموع. في ظل نظام ميليشياوي يندر أن يكون هناك لسانا حرا في البرلمان فإن وجد أو حتى أوجدوه فذلك لأغراض المكيجة.
الواقع أننا بمقاطعتنا الإنتخابات السابقة كنا في الحقيقة قد شاركنا فيها على طريقتنا حينما قلنا للعالم أن نسبة المشاركة لم تتجاوز العشرين بالمائة, وهي نسبة مضحكة وغير معقولة, وحتى هذه النسبة فقد خضعت للتزوير المفضوح.
صحيح أن الدستور أو اللوائح لا تحتوي على نسبة رقمية محددة لتأشير شرعية الإنتخابات من عدمها, غير أن ثوار تشرين كانوا قد تظاهروا تحت راية إن الإنتخابات غير شرعية وقد عرف العالم من خلال المقاطعة ذلك.

قبل الإنتخابات القادمة على الأخوة الذين يدعون إلى المشاركة توضيح ماهية التغييرات الجوهرية التي جرت على قواعد اللعبة الديمقراطية وكيفية أن لا تبقى تلك التغييرات مجرد حبر على الورق في ظل عملية سياسية فاسدة وطائفية وعميلة من مفرق الرأس حتى أخمص القدم.
بطبيعة الحال لن يكون الحديث عن تغيير هنا أو تغيير هناك مقنعا ما لم يجرِ الحديث عن الإحتياطات التنظيمة اللازمة لضمان عمل تلك التعديلات بشكل عادل وسليم, إذ ما قيمة أن يكون هناك تعديل نظري على قانون الإنتخابات وتشكيل مفوضية مستقلة بوجود تنظيمات مسلحة يهدد أصحابها بقطع يد قائد عسكري بارز في الإنبار إذا لمس صورة أو جدارية لـ (المهندس) الرجل الذي قُتٍل مع سليماني, حتى أنهم يريدون من مناطق (المكون السني !!) أن يدفع أهلها الجزية (وهم صاغرون) كما فعلوا مع أهل الموصل قبل إحتلالها من داعش.
وما معنى أن ينزل حزب الله وربع الله وصدر الله ليقتلوا المتظاهرين السلميين (الذين من المفترض أن تضمن لهم الديمقراطية نظريا حرية التظاهر) وهي نفس الديمقراطية التي لم تضمن للشهداء السبعمائة وللجرحى الخمسة وعشرين ألفا) حق التظاهر فإعتدت عليهم بشراسة ووحشية أمام أنظار العالم كله.
الواقع أن ما يجب أن يتعدل أو يتغير هو العملية السياسية نفسها وليس قانونها أو مجلس مفوضيها الإنتخابي, إذ ما قيمة أن يتعدل قانون الإنتخابات أو مفوضية الإنتخابات في حين أن النظام السياسي نفسه بميليشياته وأحزابه الطائفية وباسلحته التي لن تغمد لحظة لكي تحصد المعارضين في الشوارع وتطارهم إلى البيوت, ثم تلقي التهمة على طرف ثالث !.

العراق في الحقيقة يعيش وضعا مخزيا ( عليكم أن تقرأوا تغريدة الصدر الأخيرة) لكي تعلموا أن الأمر ليس لعبة وإن جماعات العملية السياسية لن تسمح لكائن من كان أن يسلبها (الكنز) الذي إستولت عليه, وأن عملية الحرمنة والفساد والطائفية لا تدار فقط من داخل البلد, فهولاء الذين في الداخل هم مجرد ذيول وعليهم أن يدفعوا لمؤسسيهم وحراسهم من خارج الحدود, وأغلبهم إيرانيين من جماعة ولاية الفقيه, الجزء الأكبر مما يغنموه وليس مجرد الخمس من ذلك المبلغ, ولعلكم ما زلتم تتذكرون تصريح (هادي العامري) الذي كان يقاتل ضد جيشكم ووطنكم بإمرة نائب الإمام الغائب والذي قال فيه ( نحن بإمرة السيد الخميني إن قال حرب حاربنا وإن أوقف الحرب أوقفناها) وكيف أن الرجل نفسه, وكان وزير عمل وقتها لدولة إسمها العراق, ينحني لكي يقبل يد (خامنئي) وهو قائد لدولة إيران. إن هؤلاء الذين يحكمون العراق هم إيرانيون أكثر من الإيرانيين.
المطلوب هو تغيير العملية السياسية برمتها وليس تغيير قانونها أو مجلسها الإنتخابي.
وحذار حذار من الخدعة الإنتخابية الجديدة, فهؤلاء الميليشياويين لن يتركوها لكم .. أرأيتم لصا يتخلى عن الخزينة التي سرقها هكذا طواعية لمجرد أنه ديمقراطي !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى