من حسن حظّنا إننا في الأردن في هذا الظرف وهذا الوباء وذلك الابتلاء.
وكم تمنّى أحدنا قبل ذلك أن يكون مقيماً في ألمانية أو إيطاليا أو أمريكا، فربما كان الآن موبوءً أو مفتوكاً به … والله أعلم وهو في العلاء.
صحيح إننا اُبتلينا بإجراءات صحّيّة وممارسات غليظة لم نألفها من قبل، لكن أفضل من خزعبلات وطلاسم وتُرّهات ما أنزل الله بها من سلطان.
صحيح إننا حُرمنا من الصلاة في المساجد والتعبّد في المحراب والدعاء فيه إلى الله، لكن أفضل من صراخ وعويل ونحيب، كمن يصطاد هواء بشبك أو ينفخ في قربة مثقوبة.
صحيح أن الشوارع خالية من سيارات وبشر وحجر، كأننا في مدينة أشباح موحشة، لكن أفضل من شوارع ملأى ببعران وحصان، وأصوات نشاز وتصرفات ذميمة.
صحيح إننا ابتعدنا عن لذائذ الطعام، من ولائم أحبّاء، ومآدب بيوت أصدقاء، لكن أفضل من سُفرة طويلة عليها أشكال و(أرناك) وملعقة واحدة تُطعم مغفلون وزعران.
صحيح أن الحكومة تخرج علينا كل يوم من التلفاز وتُقيدنا بقرار وحصار هي لصالحنا، لكن أفضل من حكومةٍ عرجاء صمّاء، لا تسمن أولادها من جوع ولا تُغنيهم من شفاء.
صحيح أن قوات الدرك طبّقت قرارات السلطة بحرفية وحزم، وقوة غير معهودة، لكن أفضل من شرطةٍ أُسيء لهم الأدب من همجٍ، وتجاسروا عليهم من رُعاع.
صحيح إننا حُرمنا من مسرّات ولقاءات، ومناسبات وأفراح، لكن اجتمعنا وغنّينا من شرفات بيوتنا وهتفنا للجيش الذي حمى أمننا من أمرٍ صحاح.
فتحيةً للشعب الذي احترم قرارات حكومته وامتثل لها والتزم الصمت كالنبلاء.
وإجلالاً لرجال دولة سهروا الليل على سلامة الأبناء، وهجعوا في النهار وهم أُمناء.
ومجد للملك الأب الذي تابع … وأشرف … وقيّم … فابتسم …!
وصدق رسول كِسرى حين قال للخليفة الفاروق:
حَكمت … فعَدلت … فأمنت … فنمت يا عمر …!
وشكرا لله … لأننا في الأردن
تعليق واحد