حاولت صباح اليوم-دون جدوى- الحصول على اسماء وخلفيات شهداء الخميس 21 ك2 في ساحة الطيران. أردت أن أكون علميا وموضوعيا في نقدي لما جرى أستنادا لمعلومات حقيقية عمن أستهدفهم داعش المجرم. لم أستطع الحصول الا على أسماء مجموعة قليلة من الشهداء الذين تم تداول اسماؤهم وهم جميعا شباب لم يعرفوا من الحياة سوى شضفها وقسوتها.والسؤال الذي ظل يلح علي من يوم أمس وأنا أشاهد دموع وعويل الاباء والامهات المفجوعين بأبنائهم هو،هل كان هؤلاء ليموتوا لولا فقرهم وعوزهم؟ ماذا كان يفعل هؤلاء الصبية والشباب في سوق (البالة)؟ هل كانوا يدرسون السوق بحكم تخصصهم مثلا؟ أم كانوا هناك ليمارسوا هواياتهم الشبابية المفضلة؟ لماذا لم يرفض الاباء ارسال ابناءهم للعمل في (البالة) ويصروا على أرسالهم للجامعات والمدارس أسوة بأقرانهم؟ لماذا يأتي علي ذي التسعة عشر ربيعا من قلعة سكر الى بغداد ليبيع الشاي بدلا من ان يأتي ليدرس في أحدى جامعاتها أو يستمتع بمعالم عاصمة بلده؟بل لماذا سوق البالة اصلا في بلد مثل العراق لم يعرف البالة الا بعد حصار التسعينات؟ ألم يسترعي انتباهكم ان داعش وسواه من الارهابيين غالبا ما يستهدفون الفقراء لأيقاع أكبر أثر مادي ونفسي؟
العديد من مثل هذه الاسئلة تتقافز امامي وتلح على عواطفي لتمنعني من أكون موضوعيا وحياديا. أؤمن تماما بالقضاء والقدر لكني أؤمن قبل ذلك بالاسباب والحذر؟ وهنا أطرح سؤالي الرئيس: هل داعش لوحده كان مسؤولا عن قتل شبابنا، أم كان الفقر شريكا له في الجريمة؟ أذا كنتم مثلي ترجحون ألأجابة الثانية فعلينا ان لا نلوم فقط داعش ومن أرسل الأرهاب ليحصد أرواح أبنائنا فكلنا شركاء في الجريمة. هنا لا أوجه الأتهام للنظام السياسي المسخ والمجرمون القائمون عليه فقط ، وان كنت بالطبع أحملهم مسؤولية ما حصل ويحصل للعراقيين منذ سنوات طوال،وانما أقول كلنا شركاء في الجريمة . نحن شركاء لأننا لم نطح بهذا النظام الفاسد، وشركاء لأننا لم نقم بواجبنا لمكافحة الفقر واعتقدنا اننا سنكافح الارهاب قبل ان نكافح الفقر! نحن شركاء لأننا اعترضنا كثيرا على تخصيصات الموازنة لهذه المحافظة او تلك،أو لهذه الفقرة أو تلك وسكتنا عن جريمة تخصيص اقل من واحد وفي بعض السنوات أقل من نصف من الواحد في المائة لبرامج مكافحة الفقر. نحن شركاء في الجريمة لأنني لم أسمع أناس كثيرين يطالبون البرلمان والحكومة لمناقشة التقارير والاحصاءات التي تشير ان معدل الامية أكثر سيصل الى 30% وأن حوالي 60% من اطفالنا لا يدخلون المتوسطة!! أنشغلنا بلعن داعش والفكر التكفيري أوالوهابي أو أمريكا أو أسرائيل دون ان نلعن أنفسنا لما وصلنا اليه، لان من السهل والمريح للنفس لعن العدو الخارجي ومن الصعب جدا لعن العدو الداخلي.
أعود للسؤال الذي طرحته في البداية، هل داعش هي المسؤولة فقط عن اغتيال شبابنا؟
1٬124