من هو المقدس – الوطن – الدولة – الشعب ؟

اليوم نسمع كلمات كبيرة مثل خزينة الدولة أراضي الدولة رئيس الدولة يموت الجميع لكي لا تسقط الدولة …! ما هو هذا المقدس الذي يطلب المسئول الأول في الدولة أن يموت من أجله الشعب والمواطنين ويجوعون ويمرضون لأجل أن يشبع ويتنعم هو بموارد الدولة وثم يهان الشعب والمواطن من أجل أن تحفظ هيبة رئيس الدولة وحكومته .


في الحقيقة أيها الساده ان الدولة بهذا المفهوم اصبحت مثل ( الوثن) لا تعني الا هؤلاء وسلطتهم ومراكز قوتهم وحتى يتقبل الناس فكرة الخضوع والأذعان لهؤلاء وأن ما يفعله المواطنين ليس لأنفسهم وأسرهم بل لمصلحة (الدولة والوطن) وثم يؤخذ رئيس الدولة وحاشيته وحزبه أموالنا ويسرقون حقوقنا ثم يدعون هؤلاء أنهم أخذوها لغرض أن يوفروا أموال (للدولة) ويهينون المواطن والشعب شر أهانة ويستحيون ويحللون ويستبيحون ابنائه وأمواله ويدعون بأنهم يفعلون ذلك حفاظاً على هيبة الدولة ومصلحة الوطن ويشغلون الجنود والعساكر في حفظ كراسيهم ومناصبهم وسلطتهم ويزجون بهم في مواطن الحروب والنزاعات والموت ويدعون انهم يحمون الدولة والوطن !


ثم أن هؤلاء اذا أرادوا أن يضفوا مزيداً من التقديس والتعظيم والتهليل على هذا الوثن الدولة راحوا يسموه بأسم الوطن المقدس واذا كان مطلوباً من المواطنين والشعب والناس ان تموت وتجوع وتمرض وتهان كي يحيى الوطن اذن من هو الوطن !؟ هذا يعني عند أولئك ان الوطن والدولة ليس الشعب !


واذا كانت الأرض هي الوطن اذن الأرض تتمثل بحدودها وعليه من وضع حدود هذه الأرض ؟وهي أصلاً حدود تتغير على مر التاريخ بل الثابت الوحيد منها هو الأسم فقط لا بل ان معظم حدود الأوطان الحاليه قد وضعها المستعمر ولم يضعها اجدادنا .


واذا أتفقنا على حدود الأرض فهل هي الأرض التي تمتلك الناس ؟ أم الناس هم الذين يمتلكون الأرض ؟. وبالتالي اننا اليوم لا نملك أرض شقتنا او دارنا او مزرعتنا لأن اليوم ندفع عليها ضريبة الأرض وضريبة العقار والرسوم المختلفة ومتى ما أراد رئيس الدولة وحكومته حجز ومصادرة أرض ودار المواطن او المواطنين فهذا متاح لهم وكأن المواطن استئجرها من رئيس الدولة او حكومته او حزبه وأكثر من هذا اليوم يدفع المواطن ثمن قبره الذي يدفن فيه في (دولته ووطنه) ! فأين اذن هي أرضنا التي نناضل ونموت في الدفاع عنها ؟!


انها ارض ( الدولة) أراضي يوزعها رئيس الدولة وحكومته وحزبه على وزرائه واعوانه وحاشيته واتباعه ليملك ولائهم ويعطيها الى رجال الأعمال الفاسدين المستثمرين ليتكسب منها هو وبطانته من منافعها .
اذن اصبحت الدولة والوطن هي ليست الأرض التي نحيا ونموت من اجلها فما هو المتبقي من مفهوم الدولة والوطن لكي يموت الانسان دفاعاً عنه .


المتبقي يا ساده يا كرام هو ببساطة اصحاب السلطة والمراكز والكراسي والمناصب ونحن مطلوب منا ان نجوع ونمرض ونتقشف ونشد الحزام ونتقبل الأهانة ونموت وبدون كرامة من أجل بقاء سلطتهم ورفاهية ابنائهم وحاشيتهم ومن أجل ان تتحقق مصالحهم واستمرار حكمهم .


وعليه الوطن الحقيقي هو الشعب ولا مقدس ألا الشعب والمواطن الإنسان بني آدم وأن الدولة والأرض التي لا تحفظ كرامة الشعب الأنسان المواطن أن يعيش بكرامة وأمن وأستقرار وعداله ومستقبل لا تسمى وطن بل هو وهم .


حيث الله تعالى خالق السموات والأرض وما بينهما وما فيهما قد كرم بني آدم بقوله تعالى (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ) كما ان الله سبحانه أمر الملائكة بالسجود لسيدنا آدم تكريماً وتشريفاً له اليس في هذا دلاله وعبرة ودعوة وأرشاد بتكريم الأنسان المواطن في وطنه وضمان عيشه وحياته وكرامته وأمنه واستقراره ومستقبله . واذا تعرضت حياة الانسان المواطن على أرضه وفي بلده للخطر فهنا لن تبقى للمواطن أرضاً مقدسةً في بلده فالأرض المقدسة هي التي تحمي كرامة الشعب والأنسان المواطن وتحافظ على حدود الله وشرعه وحقوق الأنسان واذا كان الأمر عكس ذلك وأصبحت الأمور لا تطاق عندها أمر الله الناس الذين يتعرضون للظلم على ارضهم وفي وطنهم بالهجرة من وطنهم حيث أرض الله واسعة ورزقه سابغ على العباد وحيث قال الله بكتابه الحكيم ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولائك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ) كما ان رسولنا الكريم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام قال لهدم الكعبة سبع مرات أهون عند الله من سفك دم انسان بريء .


فهل بقى ايها السادة الكرام بعد ذلك للقدسية من معنى للدولة والوطن أعلى من كرامة الإنسان خاصةً والشعب عامةً .
ياليت أولياء الأمر يعلمون ومن قول الله يحذرون ( وقفوهم إنهم مسئولون).

وإلى الله ترجع الأمور.

اللواء الركن فيصل الدليمي

رئيس منظمة عين للتوثيق والعدالة

تعليق واحد

  1. من اروع المقالات التي قراتها
    حقيقي ان الانسان هو المقدس الوحيد على وجه هذه المعمورة
    احسنت استاذي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى