سؤال يتوقف عنده الكثير من العاملين في مهنة المتاعب لاسيما الذين يمضون عقودا في مهنة الصحافة الذين تحملوا أعباء هذه المهنة على مدى السنين وحان الوقت للراحة والتوقف عند مرحلة معينة في مسيرتهم المهنية
ونزيد بسؤال اخر: هل الصحافة وظيفة حالها حال المهن الأخرى التي تنتهي ببلوغ صاحبها سن التقاعد وتصبح في ذاكرة الحياة بحلوها ومرها؟
وتتفرد مهنة الصحافة عن غيرها من المهن الأخرى لانها تتحول بتقادم الزمن الى مهنة المهن من فرط دور الصحفي في المجتمع واتساع دوره في صياغة الراي العام واتجاهاته
ومهنة الصحافة رغم مخاطر الدخول في عالمها الذي يكتظ بالمفاجئات الا انها تبقى مهنة راقية وعين المواطن الذي يبحث عن الحقيقة وينزع للتغيير والحياة الامنة
اذا مهنة الصحافة لاتتوقف أو تنتهي بانتهاء عقد العمل المبرم بينه وبين ادارة الصحيفة ورغم هذا الاجراء الوظيفي الا ان الصحفي يستمر بممارسة مهنته من دون أي مدى زمني محدد لاستمراره في مهنة الصحافة
ومن تقاليد الصحافة المصرية ان ابرز الكتاب والصحفيين الذي يعملون بها وانتهت مهمتهم الوظيفية تحتفي بهم اداراتها الى حد تخصيص مكان محترم في الصحيفة لهم في تقليد يعكس تقدير واحترام الصحفي ومكانته في المجتمع وتفرغه للكتابة والتأليف باعتباره صحفيا. وهنا نتوقف عند ظاهرة الصحفي العربي محمد حسنين هيكل الذي استطاع أن يصدر عشرات الكتب والمذكرات هي حصيلة صحفي وكاتب لم يستسلم لقرار تقاعده من الاهرام فكان نموذجا للصحفي الذي كلما تقدم به العمر يزداد رصيده من العطاء الثر في شتى الميادين
وفي مشوار تجربتنا الصحفية نتوقف عند دور نخبة من الصحفيين المتقاعدين الذين استمروا في ممارسة المهنة وكانوا لنا خير معين وقدموا نتاج تجربتهم الصحفية للشباب الذي بدؤوا الخطوة الأولى في مشوار صاحبة الجلالة وتخرج على أيديهم مئات الصحفيين العراقيين بعد ان نهلوا من معين هؤلاء المتقاعدين الذي تجاوزا سن التقاعد ليس في تدريب الشباب وانما في مضمار الكتابة والتاليف والتوثيق في محاولة لتأكيد دورهم متجاوزين صيغة التقاعد
وعندما نقول ان الصحفي لايتقاعد لأننا نتوقف عند كبار الصحفيين العرب والأجانب الذي كرسوا مسيرتهم الصحفية بعطاء الكتابة والتاليف وقدموا تجربتهم للأجيال اللاحقة للاستفادة من معين هذا الحصيلة المهنية
فالصحفي الحقيقي لايجف حبر قلمه بعد بلوغه سن التقاعد وانما يتألق وتزداد غزيرة انتاجه وعطائه في موقف يشير الى انه لايستسلم الى قرار التقاعد بإرادة تعكس تمسكه بهذه المهنة ليكون قريبا من القراء ومن همومهم كما كان قبل بلوغه سن التقاعد نبض الشارع وصوت القارئ الذي لن يتخلى عن مهنته وهذه العلاقة التي عززها بقربه من المواطن وحاجاته وتطلعاته المشروعة بالحياة الحرة الكريمة
ونخلص بالقول ان الصحفي الحقيقي الذي يحمل رسالة شريفة وهدفه تكريس التعايش السلمي ومجتمع تسوده العداله ويحكمه القانون وينبذ خطاب الكراهية هو الصحفي الذي لايتقاعد لانه مهمته ورسالته متواصلة