إن الآية الكريمة التي وردت في سورة الزخرف رقم (٧٨) تقول ( لقد جئناكم بالحق ، ولكن أكثركم للحق كارهون ) صدق الله العظيم.
وتعني إننا وضحنا لكم الحق وبيناه وفسرناه لكم ، ولكن أكثركم بما جاء به محمد رسول الله (ص) من قول الحق كُنتُم له كارهون ، أي لم تصدقوه ، وهنا نود أن نقف عند كلمة ( أكثرهم ) ، أي الأكثرية من أبناء المجتمع يكرهون كلام الحق وقول الحقيقة ، بل يكذبونها ، وهذا ما حدث فعلا مع محمد رسول الله ( ص)
عندما بدأ بتبليغ الرسالة السماوية الى أبناء مجتمعه ..
وهذا ما ينطبق على جميع المجتمعات عبر الازمان ، إن الأكثرية يكرهون الحقيقة ، بل ينكرونها تماما ويعملون بالضد منها ، بل يعملون وبكل الوسائل على طمس تلك الحقائق ونكرانها ، ويصرون في كل تصرفاتهم على تكذيب الحقائق لأنهم يكرهونها ويبتعدون عنها
أما في عصرنا الحاضر ، وبعد ما حدث من تطور تكنولوجي هائل ، وخاصة في مجال وسائل التواصل الاجتماعي من خلال اجهزة الهاتف النقال وشبكات الإنترنيت
والمسيطر عليها مركزيا من قبل فئة تعمد على تشويه الحقائق وطمسها ، وتعمد على تشويه تأريخ الشعوب وثقافاتها ودياناتها وعاداتها وتقاليدها ، من خلال زخ كم هائل من المعلومات المشوشة والكاذبة ، بحيث تجعل المتلقين أدوات طيعة بيدها وهي التي تسيرهم كما تشاء من خلال التأثير الثقافي والاجتماعي والتاريخي عليهم، بحيث يصبح المتلقون حبيسي هذه الأجهزة ، وبمرور الزمن يبدأون بتصديق ما يصلهم من معلومات عبر وسائل التواصل الاجتماعي المسيطر عليها من قبل قوى خفية لها اجندتها الخاصة بها ، وتعمل جاهدة ، مستغلة ما تملكه من راس مال وأعلام عالمي مؤثر تستخدمهما بالشكل الذي يحقق اهدافها في السيطرة على العالم ماديا ومعنويا ..
وفعلا تمكنت هذه القوى من الهيمنة شبه المطلقة على البشرية جمعاء وتفرض ما تريد عليهم ، وتشوه الحقائق
وتكذب من تريد وتقتل وتدمر كل كائن يقف بالضد منها .. والاهم والاخطر هو قلب الحقائق والوقائع التاريخية والإنسانية وحتى العلمية ، مما مكنها من نشر الاكاذيب والسيطرة على عقول الأكثرية من البشرية … وأصبحت الأكثرية لاتؤيد قول الحقيقة بل كارهة لها ..
ودعونا نسوق بعض الحقائق التاريخية والتي نعرفها ونعيشها يوميا ، ونجد ان الأكثرية تقف بالضد منها.
فلسطين عربية ، حقيقة ثابتة ، والجميع يعرفها ، ولكن الأكثرية تنكرها ، وكذلك عربستان عربية واحتلتها ايران منذ اكثر من تسعين سنة وهذه ايضا حقيقة ثابتة والأكثرية تنكرها ، وكذلك لواء الاسكندرون ، وسبتة ومليلية والجزر الاماراتية الثلاث ، كلها أراضي عربية مغتصبة .. ومن الثابت ايضا أن امريكا جاءت واحتلت العراق بدون موافقات دولية ، وبحجج واهية واثبتت كذبها ولكن الأكثرية صامتة ولحد اليوم .. وان ايران تنفذ مشروعا صهيونيا وامريكيا وعالميا
لتدمير الامة العربية ، وجميع ما حدث ويحدث منذ عام (٢٠٠٣) ولحد الان تؤكد هذه الحقيقة والأكثرية تنكر ذلك ، وقلنا وباستمرار ان امريكا والكيان الصهيوني لن ولن يعتدوا على ايران ولن تقع حرب بينهم وان ايران تنفذ ما تريد منها الصهيونية العالمية وهي اداة طيعة لهم ومع ذلك ان الأكثرية لا تصدق ذلك …
وقلنا ان الذين يعارضون النظام الوطني في العراق هم عبارة عن سراق وقطاع طرق ومرتزقة وعملاء ، واذا استلموا السلطة في العراق سيدمرون العراق ويسرقوه ، والأكثرية لم تصدق ذلك !!!
وقلنا إننا حراس البوابة الشرقية للوطن العربي ، فإذا انهارت هذه الجبهة سيدخل الوطن العربي بنفق مظلم وسينهار أمنه القومي والأكثرية تجاهلوا هذه الحقائق
وقلنا ان ايران هي من ضربت حلبجة بالسلاح الكيمياوي وليس العراق والأكثرية كذبت ذلك ، وقلنا ليس لدينا أسلحة دمار شامل ولا نهدد أمن العالم ، وليس لدينا أية علاقة مع التنظيمات الإرهابية ، وليس لدينا أية علاقة بأحداث (١١) سبتمبر ، والأكثرية لا تصدقنا بل على العكس اتهمتنا بكل ذلك …
هكذا إذن نحن نعيش وسط عالم مليء بالاكاذيب وقلب الحقائق ، ونحن نعيش في عالم مجنون فاقد الى ابسط معاني الاخلاق والقيم الانسانية عالم تسيطر عليه مجموعة من الطبقة الرأسمالية ، جشعة تستحوذ على راس المال وعلى وسائل الاعلام والاتصالات وتتمكن من قلب المفاهيم والحقائق وفق مصالحها فقط وعلى حساب الانسانية جمعاء ، عالم مليء بالخوف والرعب والفقر والجوع والمرض والأوبئة المصطنعة
عالم تتمكن القوى الخفية من خلال امكاناتها الهائلة من اقناعنا أن اللون
الأبيض هو اسود واللون الأسود هو ابيض وهكذا .. تمكنت القوى الخفية من السيطرة الشبه تامة على الأكثرية من عقول الناس وتسيرهم بالطريق الذي يخدم مصالحهم ، وهي سائرة بالطريق الذي يخلق عبودية جديدة لعموم البشرية. كأن تفرض علينا طريقة عيشنا وتوجه سلوكنا وتحدد علاقاتنا ونمط استهلاكنا ، وتحدد مستوى دخولنا ، كما تفعل اليوم تماما بعد جائحة كورونا
وأخيرا ، هنالك قاعدة تقول بان الخطوط المستقيمة لا تتقاطع مع بعضها الى ما لانهاية ، ولكنها تتقاطع مع الخطوط المنحنية او المعوجة ، وهكذا هو الصراع بين الخير والشر بين البينة والباطل ، والبينة هي الحجة الواضحة والتي لا تتطلب تفسير ، وهي تدل على معنى الحقيقة أي الوجود الحقيقي والموضوعي للاشياء …
وهنالك الكثير الكثير من الأدلة والبراهين والحقائق التي تؤكد الى ما ذهبنا اليه ..
ولكن فليعلم هؤلاء ومهما طال الزمن ، ان الحق يعلو ولا يعلى عليه ، وسيأتي اليوم الذي تنكشف فيه الاعيبهم ودجلهم … وكما جاء في سورة الزخرف الآية رقم (٧٨) ، ( لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون )
صدق الله العظيم.