الفقر ظاهرة اجتماعية توجد في جميع أنحاء العالم، وبألاخص في الدول المتخلفة وبنسب متفاوتة وحسب التطور الاجتماعي والاقتصادي لكل دولة.
تزداد هذه النسب في الدول الفقيرة، التي لا تمتلك خططاً تنموية حتى تتمكن من توفير فرص عمل للعاطلين. فالكارثة تكمن في الدول الغنية وبالأخص النفطية منها وتوجد فيها نسب مرتفعة للفقر كالعراق، مثلاً صارخا على هذه الحالة. والعراق يعد من البلدان النفطية الغنية من بين دول العالم. وقد تجاوزت نسبة الفقر فيه الى اكثر من ٤٢ بالمئة، كما تشير بعض الإحصائيات العالمية. أي أن اكثر من ١٦ مليون عراقي يعيشون دون حد الكفاف.
والفقر هو الحالة الاجتماعية حيث لا يتوفر للأفراد فيها أدنى مستويات المعيشة المتوقعة والشائعة في المكان، الذي يعيشون فيه للبقاء على قيد الحياة. والذي يحدد مستوى الفقر هو الدخل أو الاستهلاك.
إن الفقر ناتج عن التوزيع غير العادل للموارد المالية والثروات في المجتمعات. وعادة ما يعاني الفقراء من الجوع والمجاعات وتدني التعليم والرعاية الصحية أو غيابهما.
إن مفهوم الفقر العام هو عدم مقدرة الفرد على توفير الدخل اللازم لتلبية الحاجات الاساس والمتمثلة بالغذاء والمأوى والملبس والتي تمكنه من أداء عمله بصفة صحيحة.
ويعرف أيضا عدم القدرة على توفير الحد الأدنى من مستوى المعيشة المطلوبة أو المرغوب فيها اجتماعياً.
وتعريفنا للفقر أنه عندما يعجز الإنسان من الحصول على الدخل الكافي لسد حاجاته الاساس.
وهذا يعني أن هنالك في العراق بحدود ٤٢ بالمئة من السكان يعجزون من الحصول على الدخول الكافية لِسد حاجاتهم الاساس من الغذاء والمأوى والملبس والتعليم والرعاية الصحية والنقل والكهرباء.
ومن المؤلم جدا أن نشاهد ونعيش في بلد مثل العراق الغني بنفطه وبمياهه وشمسه وزراعته وصناعته وغني بكوادره العلمية والثقافية. وشعبه يعاني من الجوع وعدم توفر فرص العمل وصعوبة الحصول على الدخل المناسب لحياة في حد الكفاف، بل يعيشون الفقر المدقع أي عند خط الفقر وخط الفقر هو القياس المعياري لدخل الاسرة المناسب والذي تحدده كل دولة وتراجعه بنحو مستمر وحسب ظروفها الاقتصادية والاجتماعية وهي تمثل الحد الأدنى من مستوى دخل الفرد أو الاسرة ويكون كافياً لتوفير الاحتياجات الاساس للحياة. وقد تم تحديد خط الفقر للفرد باليوم أي دخل الفرد في اليوم هو ١،٢٥٠ دولار وذلك في العام ٢٠٠٩ على أن يتم تحويله إلى العملة المحلية لذلك البلد. من دون الأخذ بنظر الاعتبار القوة الشرائية لهذا المبلغ بعد تحويله إلى العملة الوطنية ومستويات التضخم فيها.
وحسب تقديرات أولية فإن خط الفقر في العراق يتراوح بين ١،٢٥٠ -٣ دولارات في اليوم الواحد.
إن من الأسباب المعروفة والثابتة لدى جميع الدول، التي تعاني من مشكلة الفقر هي عدم توفر فرص عمل للذين يرغبون بالعمل، وعدم وجود خطط تنموية تنفذها الحكومة بهدف القضاء على الفقر وآثاره، وعدم وجود قوانين تحدد مستوى الدخل والتأمينات الاجتماعية. فضلا عن تخرج أعداد هائلة من الجامعات من دون وجود فرص عمل حقيقية لهم.
وبالإضافة إلى الاسباب أعلاه فهنالك أسباب أخرى ضاعفت الفقر في العراق إلى هذا المستوى الخطير.
فبعد غزو امريكا للعراق حلت قوات الاحتلال الجيش العراقي الوطني وقوى الأجهزة الأمنية جميعها وهذا جعل جميع منتسبي هذه الأجهزة والجيش في حالة بطالة ومن دون دخل وكانوا بحدود ٢ مليون منتسب.
كما دمرت القوات الغازية اكثر من ٨٥بالمئة من البنى التحتية للبلد وتم تدمير وتعطيل أكثر من ١٥٠ الف مصنع حكومي ومختلط وخاص وبأحجام مختلفة مما أدى ذلك الى انقطاع أكثر من ٢ مليون عامل وموظف عن العمل.
أما التراجع المخيف الذي حصل في القطاع الزراعي فقد هدد هو الاخر أكثر من ١٢ مليون عراقي يعيشون على الزراعة. بمعنى أن ثلث الايدي العاملة في العراق تعمل في القطاع الزراعي.
وبعد ان تم تسليم العراق إلى ايران وذلك في العام ٢٠١١ وضعت ايران خططها لتخريب وتدمير الاقتصاد العراقي وان جميع حكومات الاحتلال التي نصبتها امريكا وإيران جاءت لتنفيذ ما يريده اسيادهم منهم.
ولم يكن لديهم أي تصور عن إدارة البلد فبددوا الثروة الوطنية ولم يوجهوها إلى التنمية وخلق فرص عمل للقضاء على الفقر، وإنما على العكس زادوا من الفقر في العراق بسبب سوء الادارة والفساد المالي والإداري، الذي لا مثيل له في العالم.
لقد تم تبديد وسرقة أكثر من ترليون دولار وحولت مبالغ كبيرة جدا إلى إيران وسوريا وحزب الله في لبنان. ولم تتمكن حكومات الاحتلال من توفير فرص عمل.
فحسب الإحصائيات لصندوق النقد الدولي للعام ٢٠١٩ فأن معدل البطالة عند الشباب بلغت ٤٠ بالمئة من أصل تعداد السكان وفِي جميع المحافظات وهنالك خمسة مليون خريج عاطلون عن العمل. وأن نسبة النساء العاطلات عن العمل تقدر بأكثر من ٨٠ بالمئة، علما أن الإيرادات المتأتية من النفط لا تؤمن اكثر من واحد بالمئة من فرص للعمالة العراقية.
وبناء عليه ارتفعت نسبة الفقر بالمحافظات العراقية وكانت اعلى نسبة في محافظة المثنى وبلغت ٥٢ بالمئة وذي قار ٤٤بالمئة وميسان ٤٥ بالمئة والموصل ٤٠ بالمئة والبصرة ٣٠ بالمئة والديوانية ٤٨ بالمئة وديالى ٢٣ بالمئة وهكذا بقية المحافظات.
ومن المتوقع أن تزيد هذه النسب بسبب انخفاض أسعار النفط وبالنحو الذي سيؤثر على ايرادات الميزانية العامة للدولة ومن غير المستبعد أن تعجز. الحكومة من دفع رواتب الموظفين. وبذلك سيزداد الفقر في العراق وسيعاني الشعب من الجوع والحرمان. وسيزدا د غضب الشعب لأن هنالك علاقة طردية بين الفقر والغضب الشعبي.
وفِي ظل هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب العراقي وفِي ظل هذه الظروف السياسية المعقدة وكون العملية السياسية أوشكت على نهايتها وهي عاجزة تماما عن الاستمرار فلا حل لمشكلة الفقر في العراق الا بعد زوال هذه المنظومة السياسية الفاسدة المتخلفة والعميلة ومجيء نظام وطني عراقي يعمل من أجل القضاء على الفقر في العراق.
تعليق واحد