واقع حقوق الانسان في العراق

الباحث اللواء الركن فيصل الدليمي

٠١ مفهوم حقوق الانسان ( مدخل الى احترام حقوق الانسان )

أ٠ ليس هناك مشكلة في تعريف حقوق الانسان إذ تكفلت المواثيق الدولية ببيان هذه الحقائق بدقة متناهية كما تضمنت كثير من الدساتير الوطنية نصوصا تضمن وتكفل حماية تلك الحقوق الإنسانية ولكن المشكلة تظهر على ساحة الواقع عند تطبيق هذه الحقوق فقد أفصحت التجارب العملية عن انتهاكات واسعة المدى لحقوق الانسان وتصل هذه الانتهاكات في معناها ومغزاها الى منحدر خطير للضحية التي لاترتفع في نظر المنتهك عن مرتبة الحيوان او الشيء المتجرد من الإنسانية ففي الحرب العالمية الثانية كانت انتهاكات حقوق الانسان على أشدها من أطراف عديدة وخاصة من جانب النازيين الألمان وهم يجرون تجاربهم العلمية على اجساد بشرية حية من اسرى حرب وكأنهم فئران تجارب..
ب٠ لم تكن نظرة غلاة التمييز العنصري في اتحاد جنوب أفريقيا في ظل الحكم العنصري قبل مانديلا تختلف عن نظرة النازيين الألمان في تعاملهم مع شعب البانتو الأفريقي او غيرة من الأفارقة وهذه الوصمة ذاتها وجهت للصهيونية كحركة عنصرية نجد لها تطبيقات عملية فوق ارض فلسطين والأجزاء الأخرى المحتلة من الأرض العربية اليوم..
ج. لايقل خطورة عن تلك النظرات العنصرية نظرات اخرى في بعض نظم الحكم الاستبدادية التي ادانتها التقارير الدولية بانتهاكات حقوق الانسان من خلال التصفية الجسدية او التعذيب الوحشي وقد شهدت دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا والشرق الاوسط ممارسات خطيرة لحكومات وسلطات تجرد خصومها من الحق في الحياة بالتصفية الجسدية دون محاكمة عادلة او باستباحة اجسادهم وتعليقها كالذبيحة الحيوانية وإلحاق اشد أنواع الأذى مما لا يلحق بالحيوان ذاتة وعلية لابد من الاعتراف المبدئي بأنسانية المخلوق البشري فهذا الاعتراف هو المدخل لاحترام حقوق الانسان وبغير هذا الاعتراف تهون الحقوق الإنسانية للمخلوق البشري وينزل في نظر منتهكي حقوقه لدرجة لدرجة الحيوان او الشيء المتجرد من روح الانسان
د٠ ادركت الجمعية العامة للأمم المتحدة ذلك إدراكا جيدا عند إعداد ثم إصدار الإعلان العالمي لحقوق الانسان في ١٠ كانون الأول ١٩٤٨ إذ أشترطت في ديباجة الإعلان اول شرط لكفالة حقوق الانسان وهو الاعتراف للمخلوق البشري بصفة الانسان قبل اي أمر آخر فهذا الاعتراف هو المقدمة الضرورية لإقرار الحقوق الإنسانية كما وردت بالمواد الثلاثين بالإعلان العالمي لحقوق الانسان
ه٠ ان المنهج الذي نهجته الجمعية العامة للأمم المتحدة يتكرر في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عام ١٩٦٦ والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام ١٩٦٦ أيضا اذ تلتزم الدول الأعضاء بالتزام اولي واضح وصريح في اول سطر بديباجة العهد بأنها تقر وتعترف أولا وقبل كل شيء بأن المخلوق البشري انسان بصرف النظر عن عرقه او لونه او دينه او عقيدته وأنه يتمتع بكرامة الانسان وحقوقه الماساوية مع غيره من بني البشر
ويستمر نفس منهج الاعتراف الأولي والأساسي بإنسانية المخلوق البشري في ديباجة الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة او اللاإنسانية لعام ١٩٨٤ إذ تبرز الدول الأطراف في الاتفاقية اهم الشروط لتطبيق نصوصها وهو الاعتراف المبدئي بأن ضحية انتهاك تلك النصوص هو أولا وقبل كل شيء إنسان فهذا الاعتراف المبدئي هو أساس ادانة مجرمي التعذيب الذين تجردت نفوسهم من الضمير والوازع الإنساني تحت تأثير نظرة متدنية للضحية والاعتراف المبدئي المشروط لاحترام حقوق الانسان يثير عدة تساؤلات على النحو التالي:-
أولا ٠ هل انا انسان في مواجهة سلطات بلدي؟
ثانيا٠ هل انا انسان في مواجهة الاستعمار او الغازي ؟
ثالثا٠ هل انا انسان في مواجهة الأفراد الآخرين من اجناس او حضارات مختلفة ؟
رابعا ٠ هل انا انسان في نظر الدول الأخرى كأميركا وإسرائيل والدول الغربية والشرقية الكبرى
خامسا٠ هل انا انسان في ذات ضميري
وللكلام بقية ضمن هذه السلسلة انشاء الله تعالى تحياتي

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى