تدمير المنظومة القيمية والاجتماعية في العراق

إن من الأهداف الأساسية لقوات الاحتلال، (حتى تتمكن من الهيمنة على العراق)، بالإضافة الى تدمير البنىّ التحتية المادية وتدمير الاقتصاد العراقي، هو تدمير المنظومة القيمية والأخلاقية التي يلتزم بها الشعب العراقي منذ زمن بعيد جداً، من خلال التمسك بالعادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية والتمسك بالدين الإسلامي الحقيقي والتي يتداولها الشعب العراقي جيل بعد جيل.

تعتبر العائلة هي النواة الاساسية لبناء المجتمع، أي مجتمع كان، وقوات الاحتلال وحكوماته المتعاقبة منذ عام (2003) والى يومنا هذا استهدفوا العائلة وعملوا على تفكيكها واختراقها، وبالنتيجة هو  تفكيك المجتمع واختراقه، واوكلت هذه المهمة وبشكل أساسي الى حكومة الملالي في ايران، وحكومات الاحتلال الموالية لإيران، من خلال تبنيهم للدستور العراقي المعد بعناية فائقة الى تفتيت المجتمع وتدمير المنظومة القيمية، بتبنى نظام المحاصصة وقوانين الاجتثاث وتقسيم العراق عملياً وتمكنت قوى الظلام والتخلف والمتمثلة بالأحزاب الإسلامية ومليشياتها الولائية من تعميق الطائفية والاثنية واستغلال الدين أبشع استغلال في نشر الفساد بكل أشكاله، من خلال استهداف الفرد العراقي وتغير قناعاته وتشويه أفكاره ولعبت المؤسسات الدينية والمرجعيات المذهبية ورجال الدين الذين يمارسون اخطر الأدوار لغسل ادمغة الشباب مستغلين الجوامع والحسينيات ومستغلين وضع الشباب العراقي ومعاناتهم الاقتصادية والذين فقدوا فرصة التعليم وتدهور وضعهم الصحي والبطالة وفقدان الدخل مما سبب الى زيادة نسبة الفقر والعوز والجوع لدى أكثرية شباب العراق. وكل ذلك يؤثر بشكل مباشر على العلاقات الاجتماعية وسهولة تفكيكها وتدميرها.

مقالات ذات صلة

لقد استخدمت الأحزاب الإسلامية والمهيمنين على السلطة في العراق كل الطرق غير المشروعة لافساد المجتمع العراقي من خلال نشر النعرات الطائفية والعشائرية والقبلية حتى وصلت الى حد الاقتتال بين أبناء الشعب الواحد وبين المسلمين مع بعضهم. والمسلمين والمسيحيين والعرب والاكراد وبقية الأقليات والتي كانت تعيش بأمان واخوة آبان الحكم الوطني أي قبل عام (2003)، فقوات الاحتلال جلبت لنا ديمقراطية مزيفة ودستور ملغوم وحكام أميين أبناء الشوارع وقطاع طرق وسراق، وجلبت للعراقيين البؤس والحرمان والويلات والظلم والاضطهاد.

وادخلت الى العراق كل الموبقات، وهذا كله مدروس ومدبر قبل الاحتلال، ومنذ عام (2003) ولحد هذا اليوم ينفذ كل ذلك من قبل حكومات الاحتلال والموالية الى ايران وبعلم الولايات المتحدة الامريكية.

لقد كان الاحتلال الأمريكي للعراق وخلال هذه السنين الطويلة قد اعطى صورة بشعة ومروعة لعمل منظم من دولة محتلة وهي القطب الأقوى في العالم في كل شيء تجاه بلد وشعب يمتلك أرثا حضارياً يمتد لآلاف السنين. وكان هدفه الرئيسي هو تدمير المنظومة القيمية والاجتماعية المتكاملة للمجتمع العراقي.

باعتبار هذه المنظومة تقف بالضد من التسلط والاستعمار وسلب حقوق الشعب العربي الإسلامي.

ونجد الفيلسوف اليوناني أرسطو الذي اعتمد الاخلاق كأحد العلوم المهمة ومن ثم أعتمد علم المنطق، واعتبرها أساساً في كل مجلات وأدوات المعرفة الأخرى مثل علم ما بعد الطبيعة وعلم النفس والسياسة، واعتبر الاخلاق والمنطق أساساً لكل مجالات التقدم والازدهار وبدونهما لن تكون هناك حضارة تتجذر في عمق التاريخ وانما بديلها الفوضى والخراب.

وبناء عليه. إذا أراد الأعداء والخونة هدم وطن فما عليهم الا تدمير القيم الأخلاقية وتخريب الضمائر، والمحتل يسعى الى تخريب وتدمير المجتمع، فسلط عليهم اشخاص من عديمي الضمير والقيم الأخلاقية ومتعددي الولاءات ومن المجرمين والمنحلين سياسياً وأيديولوجيا، ويختار من الذين مضطربين نفسياً والمعادين لكل شيء، علاوة على مجموعة من عملاء الدول الأجنبية، ويتم تجميعهم في بوتقة واحدة، وتحريكهم في اتجاه واحد وبقوة دفع واحدة، حتى يبدأ المجتمع في الانزلاق التدريجي في مستنقع الفوضى.

وتبدأ مرحلة تدمير الاخلاق، والسير عكس كل القيم الأخلاقية والابتعاد عن المنطق والحكمة وتعلو أصوات السفالة والشتائم البذيئة وتخريب الذمم والضمائر، وحتى يتحقق كل ذلك لا بد من تشويه وتدمير الدين ونشر النعرات الطائفية واشعال نار الفتنة بين أبناء الشعب الواحد. وهي تسعىّ ايضاً الى تغييب العقول من خلال تدمير الوعي المستمد من التعليم عن طريق الاستهانة من العملية التعليمية ويعملون على إشاعة الدعوة لتعليم الحياة الجنسية والايمان بالغيبيات والسحر والشعوذة والتركيز على ممارسة الشعائر الدينية المختلفة والتي يستغلها المشرفين عليها وبدعم من قوى خارجية لأغراض سياسية واقتصادية.

ومما تقدم نرى كل الذي ذكرناه ينطبق تماماً على الواقع المعاش في العراق ومنذ عام (2003)، لقد لجأ المحتلون وحكومات الاحتلال المتعاقبة على حكم العراق خلال العشرين سنة الى تدمير المنظومة القيمية والأخلاقية ومارست السفالة والانحطاط والشتائم البذيئة واغتيال وتشويه سمعة الشرفاء من أبناء البلد الأبرياء وكل ذلك يسير ضمن مخطط لتدمير المجتمع والسيطرة عليه.

فاذا اردت ان تهدم وطن اطلق الخونة والسفلة وقطاع الطرق والسراق لتدمير الاخلاق وتخريب الضمائر، وسيكون الدين خير غطاء لهؤلاء المارقين.

ومن بين اشد القيم تضرراً هو انسلاخ المواطن عن وطنه وكذلك غياب الترابط الاجتماعي وتفكيك الاسرة العراقية والتي أدت الى زيادة نسب الطلاق وانتشار الفساد المالي والإداري بشكل لا يقره أي منطق وانتشار المخدرات والغش والجريمة وزيادة اعداد البطالة والفقر وزيادة اعداد الارامل وانتشار ظاهرة المثليين، كلها أدت الى تفسخ المجتمع وانتهاك صارخ للمنظومة القيمية والأخلاقية للمجتمع العراقي.

أن هذا الانهيار الخطير وغير المعقول في منظومة قيم واخلاق المجتمع العراقي، يعزى الى غزو واحتلال العراق من قبل القوات الامريكية، ومن معها ونتيجة طبيعية لغياب سلطة الدولة وسلطة القانون، تم اغتنام هذه الفرصة من قبل الغرباء والمارقين من مليشيات وأحزاب يدعون الإسلام، بالقيام بتدمير العراق والهيمنة عليه وبدعم من القوات الامريكية استشرى الفساد المالي والإداري في الجسم العراقي، بحيث أصبح العراق يغرق في الفساد والرشوة.

ان الاحتلال يشكل الركن الأساسي في عملية انهيار المتجمع العراقي ووقوعه في حالة من الفوضى تقود بالضرورة الى سلوك هدام يهدم القيم الاجتماعية بمختلف اشكالها.

فعلى سبيل المثال علاقة الاب بأولاده علاقة الطالب بأستاذه، علاقة الصغير مع الكبير وهناك علاقات كثيرة لا مجال لذكرها تسودها عدم الاحترام والغش والكذب والفساد الأخلاقي، والفساد المالي والإداري.

فعندما لا تقوم الحكومة من أداء واجباتها تجاه المجتمع وينشغل مسؤوليها باختلاف مناصبهم ودرجاتهم بسرقة ونهب المال العام، فمن الطبيعي ان يصاب المجتمع بأمراض خطيرة اجتماعية ويفقد المجتمع تماسكه وتنهار منظومته الاجتماعية، وبمرور الزمن ستنهار ثقة الفرد بالدولة وثقة الأفراد مع بعضهم البعض فالفساد في العراق لا مثيل له في العالم. العراق صنف ضمن الدول الثلاث الأكثر فساداً من  بين (180) دولة، هذا اذا علمنا ان العراق خسر خلال الشعرين عام منذ عام (2003) والى يومنا هذا اكثر من (500) مليار دولار جراء الفساد وذلك وفقاً لاحصائيات وخبراء في الاقتصاد وبيانات رسمية، واننا نعتبر هذا الرقم متواضعاً، فما خسره العراق يفوق ذلك، عما تتحدث عنه هيئة النزاهة والجهات الرسمية.

كون الإيرادات المالية للعراق منذ الغزو عام (2003) ولحد اليوم ومن النفط فقد بلغت (1.546.000) ترليون ونصف تقريباً فاذا كان مجمل النفقات التشغيلية تساوي (40%) من مجمل الإيرادات فان المبلغ يساوي (618) مليار دولار فهناك مبلغ قدره (928) مليار دولار كيف صرف وأين ذهب وكيف؟

وكنتيجة للفساد المالي والإداري ونهب ثروات العراق، انتشر في العراق ظهرة خطيرة جداً الا وهي كثرة تعاطي المخدرات وانتشرت بين الشباب الذين يمثلون القوى الفاعلة في العراق والشباب يلعبون دوراً مهماً في التنمية وتنشيط الاقتصاد العراقي.

ان المخدرات من الوسائل الهدامة داخل المجتمع وتدمير اقتصاده وجعله مجتمعاً عاجزاً على الإنتاج وعن تنشيط الدورة الاقتصادية ووسيلة يستخدمها الأعداء لتفكيك البنية الاجتماعية والاقتصادية للبلد كما تفعل ايران في العراق حين انتشرت بعد الاحتلال ظاهرة المخدرات واقبال الشباب وادمانهم عليها، مما عطل اهم عنصر من عناصر الإنتاج وأكثرها فاعليه وهو قوة العمل.

لذلك ان المخدرات تعتبر وسيلة هدامة تؤدي الى انهيار اقتصاد الدولة بسبب التهريب وفقدان البلد الكثير من العملات الصعبة وخروجها من البلد دون فائدة تذكر.

أصبحت تجارة المخدرات وتعاطيها في العراق تنهش بجسد المجتمع العراقي حيث تنتشر المخدرات وتباع وتوزع في المناطق الفقيرة في المحافظات وكذلك بغداد العاصمة.

إذ تصل نسبة تعاطي المخدرات بين الشباب في المناطق الأكثر فقراً الى (70%) ونسبة (50%) في المناطق الأخرى.

وبسبب الإدمان على المخدرات وتغيب عقول الشباب بالذات، ستزيد نسبة السرقة والقتل والانتحار والعنف وشيوع الفساد الأخلاقي بكل اشكاله واخطرها الانحراف الجنسي وغيرها، لان الشخص المدمن على المخدرات لا يفسد حياته فحسب بل يفسد حياة أسرته والمجتمع، كل ذلك يربك المجتمع ويؤدي الى انحلاله وتفككه ومن ثم انهياره..

ان ظاهرة المخدرات التي انتشرت بشكل خطير جداً في العراق ظاهرة مفتعلة ومدبرة من قبل عدو العراق ايران حتى تفسد المجتمع وتمنعه من القيام باي عمل منتج داخل المجتمع ويسهل عليها السيطرة عليه وقيادته كما تريد خاصة ان الذين يقومون بإدخال المخدرات وزراعتها وصناعتها وتوزيعها على الشباب هم مع الاسف الشديد رجال الدين التابعين الى الاحزاب السياسية والذين يقودون السلطة والذين ولائهم الى ايران التي تجني جراء المتاجرة بالمخدرات ملايين الدولارات.

اذن المخدرات تعتبر اهم وسيلة من وسائل تدمير المنظومة القيمية والاجتماعية وافساد المجتمع وابعاده عن عاداته وتقاليده الراسخة التي تحافظ على وحدة المجتمع وقوته ومنعته. علماً ان العراق قبل عام (2003) كان خالياً تماماً من المخدرات.

ان استهداف التعليم من قبل قوات الاحتلال، وتدمير بناه التحتية، ومنذ اليوم الأول للاحتلال، حيث تم سرقة وتحطيم أكثرية المختبرات وجميع المرافق العلمية الموجودة بالجامعات والكليات العراقية وحتى الكليات الاهلية تم نهبها، وتدمير جميع المكتبات الموجودة فيها وسرقتها، بحيث أصبحت غير مؤهلة للتدريس فيها، وتم سرقة وتدمير المكتبات الوطنية في عموم العراق..

وكان الهدف من كل ذلك هو أعاقة التعليم ونشر الامية والتخلف، كون قيادة مجتمع متخلف يكون اسهل بكثير من قيادة مجتمع متعلم يعي مصلحة بلده، ولذلك تم استهداف الطبقة الوسطى في المجتمع العراقي والتي هي اكثر فاعليه، ومن اجل تحقيق ذلك تم خطف وسجن وقتل اكثر من عشرة الاف بين عالم ومفكر واستاذ جامعي وخاصة علماء الفيزياء والكيمياء والذرة. وان (80%) من عمليات الاغتيالات استهدفت العاملين في الجامعات وبمختلف الدرجات العلمية و (20%) من العلماء الذين تم اغتيالهم يحملون شهادة الدكتوراة، علماً ان الكثير من العلماء وذوي الشهادات العليا هاجروا وتركوا البلاد بسبب الأوضاع المأساوية للبلد.

ان اهمال التعليم وتدمير بناه التحتية من قبل المحتلين وحكومات الاحتلال المتعاقبة، انتشرت الامية، حيث تحدثت لنا احصائيات اليونيسف عن ارتفاع نسبة الامية في العراق بنحو (47%)، وهذا يعني ان الامية في العراق انتشرت بشكل مخيف وخطير جداً أي ما يقارب من (19) مليون نسمة من الشعب لا يجيدون القراءة والكتابة، وان الامم المتحدة أبلغت نقابة المعلمين العراقيين بوجود اكثر من (12) مليون أمي في البلاد، بعد ان كان العراق قد قضى على الامية بشكل كامل أبان الحكم الوطني، فضلاً عن زيادة الفقر والبطالة يشكلان مناخاً مناسباً لزيادة الامية وتفشي الجهل والتخلف، وهذا ما تسعى اليه قوى الظلام الذين يتحكمون في العراق، فضعف التعليم في العراق يؤدي الى انتشار الامية بالإضافة الى الجهل وبالتالي استهداف المنظومة القيمية والاجتماعية للعراق، من اجل خلق منظومة قيمية تسودها الفساد والكذب والغش وسرقة أموال الدولة والشعب، والرشوة واشاعة الشذوذ الأخلاقي وتشجيع جميع أنواع الموبقات، التي تؤدي الى انحلال المجتمع العراقي تدريجياً حتى تنهار جميع القيم التي أعتدنا عليها منذ قديم الزمان.

ان احتلال العراق من قبل القوات الامريكية ومن معها، ترك آثاراً وتداعيات كارثية وإشاعة الفوضى التي قادت الى سلوك هدام يهدم القيم الاجتماعية المختلفة. ان المحتلين يسعون الى خلق ظواهر تضعف المجتمع اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وفرضت على العراق دستوراً ملغوماً يعزز الطائفية والعرقية وكل ما يفرق المجتمع، بعد دخول القوات الامريكية والبريطانية استخدمت أسلوب القتل والتهميش والاجتثاث وتفكيك الدولة وحل الجيش العراقي وتدمير المؤسسات التعليمية والصحية وتدمير الصناعة والزراعة وقطع التيار الكهربائي، مما خلق فوضى عارمة داخل المجتمع العراقي. بحيث بلغ عدد ضحايا الغزو الأمريكي الوحشي للعراق اكثر من ثلاثة ملايين ضحية. وبلغ عدد السجون اكثر من (36) سجناً عدا سجن أبو غريب وتضم هذه السجون بنحو نصف مليون معتقل ويتعرضون للتعذيب كما يوجد اكثرمن (400) مركز اعتقال سري في العراق. وأمعنت قوات الاحتلال بتدمير كل شيء يمس حياة الانسان وتشريد الشعب ومارست شتى الوسائل لتفكيك العائلة العراقية وتغيير نمط حياتها من اجل ان تذعن لطلبات المحتلين وتغير سلوكهم والتكيف مع المرحلة الجديدة مرحلة الاستعمار المباشر للبلد، والذي يسعى الى تغير ديمغرافية البلد، من خلال تهجير سكان هذا البلد بنحو (2.772) مليون عراقي ونحو ثلاثة ملايين عراقي الى خارج العراق منهم (20000) طبيب هاجروا الى الخارج بسبب الأوضاع المأساوية التي خلقها المحتلون من خلال استخدامهم القوة المفرطة ضد الشعب العراقي، كل ذلك خلقت هذا الأوضاع مآسي اجتماعية قل نظيرها، فهنالك وحسب الإحصاءات الخاصة بحقوق الانسان بوجود اكثر من ثلاثة ملاين أرملة وخمسة ملايين يتيم، فيضلاً من ان وضع المرأة العراقية يعتبر كارثياً ومن جميع النواحي، فهناك اكثر من (70%) من بنات ونساء العراق اصبحن خارج نطاق التعليم في المدراس والكليات.

إضافة لذلك تم تدمير القطاع الصحي وتدمير بناه التحتية، وأصبح هذا القطاع لا يلبي حاجة العراقيين للعناية الصحية، وتم قتل خيرة الأطباء في العراق وهروب الكثير من الأطباء بسبب ما آلت اليه الأوضاع، مما أثر بشكل خطير على الوضع الصحي وعلى شحة الأطباء المتخصصين والمتميزين طبياً وشحة الادوية والأجهزة الطبية الضرورية للعلاج. وبدأت التجارة في الادوية على حساب الشعب العراقي الإحصاءات تؤكد إصابة اكثر من (95) الف شخصاً بالسرطان و (91) الف حالة ايدز.. كل هذا الإهمال في مجال التعليم والصحة وبقية قطاعات الخدمات الضرورية للحياة، كان بعلم قوات الاحتلال ومباركته واوكلت مهمة تدمير العراق الى ايران واذرعها وعملائها في العراق. هذا أدى الى انحدار كبير في مستوى التعليم الجامعي والاساسي وانحدار خطير في الجانب الصحي حيث يوجد في العراق أكثرمن (12) مليون نسمة يعانون من الفقر الغذائي ونصفهم يعيشون تحت خطر الفقر.

كل ذلك أدى الى حدوث تشظي سياسي واجتماعي خطيرين في العراق. اذ وصل عدد الكيانات السياسية الى (550) كياناً وحزباً ووجود (11.400) منظمة مجتمع مدني و (126) شركة امنية بجانب أكثر من (45) مليشيا مسلحة تابعة للأحزاب السياسية والدينية وأكثر من (200) صحيفة وجريدة ممولة من قبل جهات خارجية ووجود (45) قناة تلفزيونية تابعة لجهات حكومية وشخصيات سياسية ودينية ورجال اعمال وبنحو (67) محطة إذاعية والقسم الأكبر منها يتم تمويليها من قبل أجهزة مخابراتية ودول اجنبية.

عندما نتمعن في الوضع المعاش في العراق سنجد ان ما يجري، من قتل على الهوية وعلى الانتماء الطائفي والمناطقي، لأجل تعميق الطائفية والعمل على التغيير الديمغرافي واضطهاد الشعب العراقي وتهجيره وانتهاك حقوق الانسان وبشكل لا مثل له وسرقة المال العام وإشاعة الفساد والرشوة بحيث اصبح الانسان المؤمن والنزيه والوطني والذي لا يقبل على ما يجري في العراق من انتهاكات لكل الأعراف والقيم، غريباً على المجتمع المليء بالفساد بكل انواعه وكل ذلك يحدث بسبب ضعف هذه الحكومات وتبعيتها لإيران وامريكا وفشل سياساتها المتخبطة وتفشي الفساد المالي والإداري وفساد القضاء وعدم نزاهته وتدمير التعليم والصحة العامة لبلد وزيادة الامية والبطالة والفقر كل ذلك أدى الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب العراقي من ظلم وتعسف وحرمان وأهانة لكرامته، وتدمير حضارته ومسح تاريخيه وسرقة آثاره، كل ذلك اثر بشكل مباشر على تدمير المنظومة القيمية والاجتماعية للعراق، حيث أصبحت سرقة المال العام والخاص مسألة طبيعية والكذب والإساءة للقيم والعادات الرصينة مسألة طبيعية، واصحبت الرشوة واستباحة أملاك واعراض الاخرين مسألة مألوفة واصحبت التبعية لإيران وامريكا مسالة وطنية، وعلى هذا الأساس اصبح كل شيء بالمقلوب.. أي وفق هذه المنهجية سيصبح لا مكان للشرفاء والوطنيين والمثقفين والعلماء ان يعيشوا بين هؤلاء المارقين وقطاع الطرق والشواذ السراق، فالعراقيين اليوم يعيشون في ظل حكومات الاحتلال في اسوء ما يتصوره أي انسان في العالم.

ان الذي يحدث في العراق هو عار على الحكام العرب وحكام العالم كله وبالأخص عار على أمريكا وايران وبريطانيا ومن ساهم بغزو العراق وايصاله الى ما هو عليه الان.

لقد استطاعت قوات الاحتلال ومن معها وايران من تدمير البناء المادي للعراق وعملت على تدمير الجانب المعنوي من خلال تدمير المنظومة القيمية والاجتماعية للشعب العراقي، فالانسان العراقي مستهدف من قبل الغزاة من اجل شل قدراته الذهنية والبدنية وتغيبه وقتل روح المقاومة فيه، حتى يكون مطيعاً لقوى الاحتلال.

وأشد من ساهم في تدمير المنظومة القيمية والاجتماعية، هم المرجعيات الدينية ورجال الدين المرتبطون بايران وبريطانيا وامريكا، وهم الذين لديهم التأثير الكبير جداً على الكثير من أبناء شعبنا من خلال استغلالهم الدين والمذهب كغطاء لأعمالهم المشينة والخطيرة، كونهم يؤثرون على الناس البسطاء والاميين من أبناء شعبنا، وهم الذين يتاجرون بالمخدرات ويوزعونها بين الشباب وحتى على طلاب المدارس، وهم الذين يستخدمون الدين كأفيون أضافي ويهيمنون على عقولهم، واصبح المجتمع يتعمق فيه الانحلال والفساد، شعب أوكل أمره الى قيادات تدعي انها دينية وان جل تفكيرها لا يخرج عن تفكير ثيوقراطية القرون الوسطى في نظرتها للمجتمع والسياسة.

كل ذلك أدى الى زعزعة ثقة العراقي بمجتمعه فقد فقد العراقيون ثقتهم ككل ويعتبرون مجتمعهم عاجز هزيل مفكك لا يملك أية أطر تعبر عن تطلعاته وطموحاته

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى