وددت أن لا أكتب في مجال غير اختصاصي كمجال تكنلوجيا المعلومات فأنا شخص مهتم ومتابع بكل ما يخص الانتخابات، وبعد استخدام كبير للأجهزة الالكترونية وتعثر واضح في تأثيرها على الانتخابات وإعلان النتائج ولها الدور الكبير في تشعب الآراء وتعذر الحلول فلا بد أن نكتب بشيء من المهنية دون تجريح أو شكوك بجهة أو طرف فبعد مضي 40 يوم على انتهاء الاقتراع ولا تزال النتائج تتذبذب بين إعلان نتائج أولية غير مكتملة وانتظار النتائج النهائية المصادق عليها من المحكمة الاتحادية، يبدو أن الإعلان غير المكتمل قد فتح باب استمرار الطعون وتأخر الحسم في البت فيها ولنقرأ ما صدر يوم 15 /11 /2021م من قرارات من قبل الهيئة القضائية الانتخابية وننظر بشيء من الإمعان في مضمون قراراتها وندرس مآلات القرارات على مجمل العملية الانتخابية وتأثيراتها على النتائج النهائية وحتى العملية السياسية برمتها، وندرج في أدناه كل قرار ومختصر لمضمونه وننظر مدى تأثير نتائجه:-
- قرار رقم 1079 في 15/11/2021م يشمل 5 محطات من 3 مراكز انتخابية، حيث يتضمن إلغاء هذه المحطات لوجود أكثر من 5% من الأوراق الباطلة والسبب هو عدم الاطمئنان إلى النتائج وإمكانية التدخل البشري مما يقتضي إلغاء نتائجها وعدم احتساب أصواتها.
الاستنتاج:- في حال وجود أكثر من 5% من أوراق الاقتراع باطلة سيصار إلى إلغاء تلك المحطات، وفي هذه الحالة إن شملت كل المحطات وهذا وارد جداً فلا نعرف الكم الهائل من المحطات التي ستلغى وتأثيرها العميق والكبير على النتائج المعلنة سابقاً حيث هناك 726000 سبعمائة وستة وعشرون ألف بطاقة اقتراع باطلة حسب تصريح مفوضية الانتخابات ولكن لا نعرف لأي من المحطات ولأي دائرة انتخابية تعود ولأي من المرشحين ؟؟؟!!!
- قرار رقم 1371 في 15/11/2021م يشمل مركز مدرسة وانة الابتدائية رقم 131503 بكل محطاته، والمتضمن إلغاء كل محطات هذا المركز بسبب {لم يتم تقاطع البصمات في السيرفرات لأنها من المحطات التي لم ترسل نتائجها عبر وحدة التخزين USB وتم عدها يدويا واعتماد نتائجها عن طريق استمارة النتائج رقم 42 خلافا لما نصت عليه المادة 38/أولا من قانون رقم 9 لسنة 2020م}.
الاستنتاج:-لدينا محطات كثيرة بالآلاف لم ترسل نتائجها في الوقت المحدد وحسب معلوماتنا المتواضعة بأن التأخير في الارسال لا يعني أن هنالك تزوير، وهل ستلغى كل هذه المحطات ؟؟؟.
- قرار رقم 1659 في 15/11/2021م يشمل المحطات في مذكرة قسم الشكاوى والطعون (ق/21/945 في 1/11/2021م) والمتضمن وجود أوراق اقتراع لم يحسبها جهاز تسريع النتائج الالكتروني وكان القرار بإعادة احتساب هذه الأوراق لصالح المرشح.
الاستنتاج:-هنا إعادة احتساب أوراق اقتراع لم يحسبها الجهاز الإلكتروني مع العلم أن هناك عدد من أوراق اقتراع (726000) باطلة ففي قرار سابق رقم 1079 تم إلغاء المحطة التي فيها 5% من أوراق الاقتراع باطلة بينما هنا احتسبت لمرشح معين. لا نعرف مدى تأثير القرارين على مجمل النتائج وإعادة احتساب الأوراق وكيفية التعامل مع مئات الآلاف من الأوراق الباطلة.
- قرار رقم 1665 في 15/11/2021م والمتضمن وجود بصمات مكررة لذات الناخبين للمراكز والمحطات الواردة في مذكرة قسم الشكاوى والطعون المرقمة (ق/21/975 في 2/11/2021م) وعليه قررت الهيئة الموقرة إلغاء تلك المحطات والمراكز وعدم احتساب أصواتها.
الاستنتاج:-هنا لا نعرف عدد هذه البصمات المكررة وهل ستم التعامل مع كل حالة مشابهة وكم عدد المحطات التي ستلغى إن تم تطبيق هذا القرار على كل المراكز والمحطات وكم ستكون نسبة تغيير في النتائج؟؟؟!!!.
- قرار رقم 2903 في 15/11/2021م والمتضمن اإغاء محطة رقم 4 من مركز رقم اقتراع رقم 162310 تم إغلاقها في الساعة 19:48 ومحطة رقم 2 للمركز 162304 والتي أغلقت في الساعة 19:24 واوعز القرار سبب إلغاء نتائج المحطتين أعلاه بسبب تأخر إغلاقهما حيث كان غلق المحطات في الساعة السادسة مساءً.
الاستنتاج:-هنا لا نعرف عدد المحطات التي تم إغلاقها بعد الساعة السادسة وتعد بآلاف المحطات ولم يحدد القرار وقت التأخير هل نصف ساعة أو أكثر أم ساعة أو أكثر أم أقل فأن عمم هذا القرار على كل المحطات التي تأخر ارسال نتائجها فسنكون أمام نتائج جديدة ومختلفة تماماً عما تم إعلانه سابقاً.
خلاصة الاستنتاجات :- إننا أمام نتائج جديدة قد لا تخدم حتى الطاعن إذا تم تنفيذ هذه القرارات بشكل مواز لكل المحطات والإشكالات التي وردت في هذه القرارات، لكن لا بد أن نعلق بشيء وهو إننا لم نجد مراعات لمن له أصوات وهو بعيد كل البعد عن هذه الإشكالات ففي محطة فيها نسبة أوراق الاقتراع الباطلة تجاوزت 5% ما ذنب أن تلغى أصوات الجميع لماذا لا يحاسب المقصر وإبقاء من كانت أوراقه صحيحة وعدم ضياع حقه وحق الناخبين الذين صوتوا له، وكذلك ما ذنب الناخب والمرشح بتأخر ارسال نتائج المحطات، الكلام كثير ولكن نوجز ذلك بما كتبناه في أعلاه فقط لنوصل الفكرة بشيء من الوضوح.
أخيراً لا أحد يتوقع النتائج القادمة بعد تنفيذ هذه القرارات على كل المحطات والإشكالات في المراكز والمحطات التي تماثل المحطات التي صدرت فيها قرارات قضائية.
نوعز كل ما جرى ويجري في هذه الانتخابات وما آلت إليه القرارات الأخيرة بنقاط رئيسية ممكن ايجازها بالاتي:-
- في بلد حديث عهد بالديمقراطية ووجود أزمة ثقة بين شركاء العملية السياسية لا يمكن استخدام التصويت أو الأجهزة الالكترونية فاستخدام أجهزة الكترونية سواءً في العد والفرز أو في نقل النتائج عبر الأقمار الصناعية وفي قراءة البصمات الكترونياً وهناك أوراق اقتراع لم تقرؤها الأجهزة وتم اعتبارها باطلة وهي حسب تصريح المفوضية (726000) ورقة اقتراع … الخ. كل هذه الأمور وغيرها التي استخدمت بمعدات الكترونية كان لها السبب الواضح والكبير في خلق تلك المشاكل.
- إن القانون الانتخابي رقم 9 لسنة 2020م المبهم غير المفصل كان سبب رئيس ومهم في ما آلت إليه الأمور في انتخابات تشرين 2021م حيث هناك إقرار بوجود طريقتين للعد والفرز (الكتروني ويدوي) وهناك تفاصيل دقيقة لم يشر إليها القانون بطرق الطعون ومدتها .. الخ.
- عدم وجود سجل ناخبين متكامل واضح شامل فهو العمود الفقري لأي انتخابات حرة شفافة نزيهة فقد تعددت بطاقات ووثائق وطرق تصويت الناخبين ولكل منها نحتاج طريقة مختلفة للتصويت والعد والفرز والوثائق.
- ضعف المراقبة والمتابعة من الأحزاب والائتلافات السياسية والمرشحين المستقلين وقبول أغلب الأحزاب بهذا القانون وبإجراء انتخابات على أرض هشة وكأن الغاية فقط أن نقول أجرينا انتخابات وغيرنا القانون والمفوضية .. لكن مؤلم أن نقول كل ما تم تغييره في هذه الدورة الانتخابية وفي الدورات السابقة هو بضغط من الشارع وليس بمدارسة وحوارات مع أصحاب الاختصاص والاكاديميين وهذه هي النتيجة التي لم استغربها إطلاقا وقد كتبت سابقًا كثير من الأوراق والمقالات بهذا الخصوص.
- عدم وجود ثقة وتعاون بين شركاء العملية السياسية بالمستوى المطلوب.
- الخلاصة نحتاج تطبيق القوانين النافذة رغم وجود إشكالات فيها لحين تعديلها وإلى إصلاح شامل في المنظومة الانتخابية برمتها والابتعاد عن استخدام واسع للتقنية الالكترونية وتعزيز الثقة بين كل شركاء العملية السياسية والعمل على استحداث معهد متخصص للديمقراطية والانتخابات .. الخ.
نسأله تعالى ان يمن على بلدنا الحبيب باخيار رجاله ومخلصوه بأت يتعاونوا لانهاء ازمة لا نعرف عواقبها ويضعوا البلد في جادة الصواب لاستقراره وازدهاره انه نعم القادر المجيب.