بعد إن طالعتنا وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي اليوم 18/ 5/ 2020م {أكدت مفوضية الانتخابات، الأحد، إنها تعمل وبكل جهد استعداداً لإجراء اِنتخابات مجلس النواب العراقي المبكرة، فيما اشارت الى إنها تعمل للتهيئة لانتخابات مبكرة الأمر الذي تطلب تشريع الملاحق الفنية وتخصيص الميزانية المالية}
جاء هذا التصريح بعد مضي عدة شهور على تشكيل مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
وما أودّ ذكره باختصار إن الانتخابات المبكرة أمست في خبر كان وما نتمناه في الاستحقاقات الانتخابية القادمة أن تكون هناك انتخابات حرة نزيهة بمشاركة واسعة ومراقبة شديدة وأن لا تتأخر عن استحقاقها القانوني عام 2022م وإن تدمج معاً الانتخابات المحلية والبرلمانية.
وأُدون بالنقاط أدناه الأسباب التي دعتني لهذا الرأي :-
أولاً- الغاية من إجراء الانتخابات سواءً مبكرة أو في استحقاقاتها الدستورية والقانونية هو للتغيير والإصلاح وأن تنجز في بيئة آمنة وعلى أرضية خصبة من ( استكمال التشريعات ووضوحها / استعداد المفوضية وجهوزيتها/ توعية جماهيرية واسعة لتعزيز المشاركة الفاعلة / مراقبة دقيقة من شركاء العملية السياسية.. الخ)). وهذه الأمور كلها لا تزال قيد الإجراء والاستكمال. متى تُستكمل؟؟ هذا ما لا يستطيع أن يجيب عليه شخص معين أو جهة واحدة كونه متعلق بمؤسسات شتى!!
ثانياً:- مضى عدة أشهر والمفوضية لغاية الآن لم يكتمل هيكلها الإداري !!! وإن أكتمل متى تجهز المفوضية للانتخابات ؟؟ كون الكادر المتقدم من المفوضية كله سيتم استبداله وهم بالمئات (مدير عام / رئيس قسم / رئيس شعبة)!!!
ثالثاً:- الانتخابات المبكرة في الدول الديمقراطية تكون بمدة قصيرة لا تتجاوز 60 يوم، ففي استراليا خلال 36 يوم بسبب استكمال القانون ووضوحه بكل تفاصيل العملية الانتخابية ومجرياتها (522 صفحة) لذا فالمفوضية تنفذ فقط، بينما في العراق نطالب بانتخابات مبكرة دون أي جهوزية.
رابعاً:- المعضلة الأُخرى والكبيرة هي (( في حال إقرار إعادة ترسيم الدوائر سواءً فردية أو متعددة فالقانون لم يحدد الجهة المخولة لترسيمها ؟؟ ولا نعرف أين تقدم الطعون في حال وجود شكاوى ولا الجهة التي تحسم الخلافات !!! إضافة الى المعوقات الفنية كعدم وجود إحصاء سكاني أو إكتمال البطاقة الوطنية لحسم موضوع توزيع سجل الناخبين على الدوائر الجديدة !!!!
خامساً:- لا يمكن إجراء انتخابات في ظل وجود سجل ناخبين غير موثوق فيه بحيث تكون لجان تدقيق بعد الانتخابات وهذا مخالف لأبسط المعايير الانتخابية فكيف يشرع مجلس النواب قانون يضع فيه فقرة تحدد تدقيق سجل الناخبين بلجنة تكتمل عملها خلال سنة . وسجل الناخبين هو العمود الفقري لأي انتخابات حرة نزيهة .
سادساً:- كيف تجرى انتخابات ولم يحدد طريقة بعينها لإجراءات العد والفرز، فقد حدد القانون طريقتين الأولى الكترونياً بواسطة أجهزة تسريع النتائج وتدقق بطريقة أُخرى يدوياً بانتقاء محطة من كل مركز فأن وجد فارق فيعاد العد والفرز لكل محطات المركز إذا كان الفرق 5% فما فوق، هذا اعتراف ضمني بأن الأجهزة قد تكون غير دقيقة فكيف يشرع قانون بإجراء عد وفرز بأجهزة مشكوك فيها! وقد يستوجب إعادة الانتخابات بدائرة انتخابية أو أكثر أو كل الدوائر الانتخابية لأن النتائج مبهمة إلا بعد التدقيق.
سابعاً :- كذلك مسألة تقاطع البصمة بعد الانتخابات بعشرة أيام هذه نقطة أخرى تدل على عدم الوثوق بسجل الناخبين والوثائق المستخدمة.
ثامناً:- في المادة 40 ثالثاً من مسودة القانون الانتخابي ( لا تعد نتائج الانتخابات في كل المحافظات اساساً لأي عملية انتخابيه مستقبلية أو سابقة لأي وضع سياسي أو إداري قبل الانتهاء من عملية تدقيق سجلات الناخبين فيها). هل من المعقول تجرى انتخابات مع وجود هذه الفقرة المفروض حل كل الإشكالات والعقبات والشبهات قبل أي انتخابات حتى يطمأن الناخب والسياسي والمراقب الدولي والمحلي وتكون النتائج ذات مصداقية ومقبولية.
تاسعاً:- لتوفير الجهد والأموال، بحث إمكانية إنجاز انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات في يوم واحد وسبق وإن أجرت المفوضية سابقا في إقليم كردستان ثلاث انتخابات في آن واحد، حيث يكون هنالك في المحطة الواحدة ثلاث صناديق انتخابية، الأمر ليس بالصعب فقط يحتاج تكثيف للجهد الإعلامي لتثقيف الناخب. لكن فيه توفير مال وجهد كبيرين.
الخـلاصـة
1- الانتخابات وسيلة للوصول الى استقرار سياسي ينتج عنه استقرار أمني واقتصادي ومن ثم استثمار وإعمار .. وليست الانتخابات هدف بحد ذاته لنقول حددنا موعدها! وإذا بها قد تؤدي الى أسوأ مما جرى في الانتخابات الأخيرة، فالأجدر أن لا يُكرر الخطأ ذاته.
2- أهم فقرة في الانتخابات أن تُستكمل القوانين وأن تكون بنودها قابلة للتنفيذ وغير قابلة للتأويل. ويعلن القانون وتقوم كل الجهات السياسية والإعلامية والمفوضية والبرلمان .. الخ. لشرح بنوده وتوضيح آلية تطبيقه.
3- إكمال هيكل المفوضية الإداري بشكل مهني وإعلان صريح من المفوضية باستكمال كل الكادر المتقدم، وحصول ورش تدريبة متخصصة لمن يحتاج لها سواءً داخل أو خارج العراق.
4- عند استكمال الفقرتين (2) و (3) تتهيأ المفوضية بإعداد تقرير أو إعلان رسمي بجهوزيتها وتحديد موعد محدد تستطيع استكمال كل الإجراءات التي تسبق الانتخابات (سجل الناخبين/ الأجهزة الالكترونية/ توزيع الناخبين على الدوائر الجديدة / طبع كراسات عن كل الإجراءات والأنظمة التي تصدرها .. الخ)، بعد كل هذا ممكن تحدد اليوم الذي تكون جاهزة للانتخابات مع إعداد موازنة خاصة بالحدث الانتخابي.
5- الانتخابات لا تنجح بجهد جهة واحدة أو جهتين بل لا بدّ من تعاون كل شركاء العملية السياسية ( المفوضية / السلطات الثلاث/ الأحزاب السياسية/ المنظمات الدولية والمحلية/ الجهات المانحة والساندة/ الإعلام / الناخبين .. ) كون هنالك فجوة كبيرة بل أزمة ثقة بين الشركاء هي من أدّت الى ما نحن فيه اليوم فلا بدّ من مبادرة لكسر الفجوة وتعزيز الثقة ممكن أن تتبناها إحدى الرئاسات أو كبرى المنظمات الدولية كالأمم المتحدة. وسأرسل ملحق بهذا الموضوع.
بعد مدارسة كل هذه الأمور المهمة ممكن إجراء وإنجاز انتخابات حرة نزيهة وبمشاركة واسعة ومراقبة دقيقة مما يعزز مصداقيتها ومقبوليتها محلياً ودولياً. وهذا هو الهدف الاسمى لاجراء الانتخابات.
المرافقات:
1- محور الإصلاح الانتخابي المتكامل.
2- أهم المعايير الدولية للانتخابات.
3- المبادرة الوطنية لتعزيز الديمقراطية.
تعليق واحد