قراءة سريعة لقانون الانتخاب الأردني لسنة 2016م المعدل

       القوانين الانتخابية في دولنا العربية مختصرة وغير مفصلة فمعظمها لم تصل إلى 30 صفحة وكثير منها دون 20 صفحة كقانون الانتخابات العراقي والأردني وغيرها، بينما قوانين الدول الديمقراطية فيها مئات الصفحات ومفصل فيها كل جزئية تتعلق بالانتخابات وإجراءاتها والطعن وسجل الناخبين وإعلان النتائج واجراء انتخابات مبكرة .. الخ، ونعرج على مثال فقانون الانتخابات الأسترالي يتكون من 522 صفحة لم يغفل شيء مما يتعلق بالانتخابات بحيث تكون مفوضية الانتخابات الاسترالية جهة تنفيذية فقط تطبق القانون بحذافيره.

    ومن هنا نرى من يكتب مقترحات وملاحظات وطلب تعديلات وتأسيساً لما سبق أُدون بعض النقاط التالية عن قانون الانتخابات الأردني:-

مقالات ذات صلة

الملاحظات الايجابية العامة

  1. وجود هكذا قانون رغم الاعتراض على بعض أو كثير من فقراته يعتبر حالة إيجابية ممكن تطويرها والتعاون لإنضاج قانون انتخابي مميز يوائم كثير من المعايير الدولية.
  2. القانون يحتاج تفصيلات كثيرة ودقيقة حتى لا نحتاج إلى إصدار الكثير من التعليمات والأنظمة  سواءً من الجهة المنفذة أو الأخرى المساندة.
  3. استثنى هذا القانون كل الجهات الأمنية من التصويت وهذا أمر إيجابي وخطوة صحيحة ولهذا نرى كثير من الدول الديمقراطية تنص قوانينها بعدم السماح لهم بالتصويت ويعتبر ذلك من مبدأ عدم تدخل قوات الأمن بكل صنوفها بالعمل السياسي. وتتجاوز الدول التي لا تسمع بتصويت قوات الأمن 60% والأردن وتونس من ضمن هذه الدول. وهذه تعتبر مساندة للمعايير الدولية للانتخابات.
  4. وجود منظومة انتخابية شبه متكاملة يكمل بعضها البعض، أي إن قانون الانتخابات يعضده قانون أحزاب وقانون هيئة الانتخابات رغم ما فيها من ثغرات وهذا أمر طبيعي، بالإضافة إلى ما تتمتع به هذه القوانين في كونها سهلة التعديل والإصلاح لتكتمل هذه المنظومة.
  5. 5-   نظام التمثيل النسبي اكثر نظام انتخابي مطبق في الدول الديمقراطية اكثر من 36% من الدول التي فيها انتخابات تستخدم هذا النظام حيث مزاياه اكثر من عيوبه عندما يقارن بالانظمة الانتخابية الأخرى وممكن ان يمزج مع نظام اخر خاص للاردن.
  6. وجود مرونة في إجراءات التعديل.

      ملاحظات سريعة قابلة للحوار  والإضافة والتعديل

    طالما إن القانون مختصر وغير مفصل لذا ستكون هناك ثغرات وممكن تجاوزها بتعديل كما حصل سابقاً على هذا القانون أو بمقترح إضافة أو تفصيل أدق ولن أتطرق لكل بنوده وفقراته كونه يحتاج وقت وتفاصيل  لذا أُدون الآتي:-

  1.  المصطلحات أو العبارات تحتاج إعادة صياغة وتوضبح أكثر وسأعرج فقط على تعريف الدائرة الانتخابية { الدائرة الانتخابية : جزء من المملكة خصص له عدد من المقاعد النيابية وفق أحكام هذا القانون والنظام الصادر بمقتضاه}هل يصح رقعة جغرافية بدون سكان أو ناخبين تكون دائرة انتخابية بمقتضى هذا التعريف ممكن لصحراء قاحلة أن تكون 30كم طول في 10كم عرض ممكن أن تكون دائرة انتخابية!! وأرى إن التعريف الأدق{{ الدائرة الانتخابيه Constituency : – مجموعه الناخبين الذين يحق لهم انتخاب ممثلين أو مندوب عنهم ضمن رقعه جغرافية محددة، وقد يكون الوطن كله دائرة انتخابية واحدة أو يقسم إلى العديد من الدوائر . أو ( منطقة انتخابيه محددة جغرافياً وفيها مجموعة من الناخبين وقد يكون عضو واحد يمثلها في البرلمان أو عدة أعضاء}}.
  2. 2)   سجل الناخبين الدقيق الموثوق فيه هو العمود الفقري لأي انتخابات حرّة نزيهة وهنا في قانون الانتخابات وجود إجراءات مع تعاون عدد من الدوائر حتى يكتمل سجل الناخبين، ملاحظتي في هذا الموضوع المهم أن يحدد المشرّع قاعدة بينات معتمدة موثوقة تعتمد عليها هيئة الانتخاب ويبقى السجل لدى الهيئة وفي كل بداية عام أو دورة انتخابية جديدة ممكن إضافة أسماء من بلغوا سن الانتخاب أو ممن أُزيلت عنهم أسباب منع تسجيلهم ووفق ضوابط يحددها المشرّع في قانون مفصّل. إما أن يبدأ سجل الناخبين في كل دورة انتخابية كما نصت المادة 4 – ب بعد أن يحدد المجلس تأريخ الاقتراع تطلب الهيئة مباشرةً من الدائرة إعداد جداول أولية بأسماء من يحق لهم الانتخاب بناءً على مكان إقامة الناخب في قيود الدائرة وذلك حسب الدوائر الانتخابية المحددة بمقتضى أحكام هذا القانون والنظام الصادر بمقتضاه . هنا يدل على أن لا يبدأ العمل بسجل الناخبين إلا بعد تحديد يوم الاقتراع.

     وهناك موضوع مقاعد الكوتا لم يتطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى سجلاتهم الانتخابية، ولذلك نحتاج حوار معمق بموضوع قوائم الناخبين.

  • 3)  هناك فقرات كثيرة لمواد متعددة يحدد فيها المشرّع فترة زمنية على أن تنجز الدائرة المكلفة بعمل ما سواءً هيئة الانتخاب أو المحاكم المختصة أو أي دائرة أو مؤسسة كلفت وفق القانون بإجراء معين لكن كل هذه الفقرات لم يفصّل المشرّع ما هو البديل إن لم يتم إنجاز التكليف أو المهمة الخاصة بتلك الدائرة، وسأعرج على مثال فقط المادة 4- ح -3 يكون القرار الصادر عن المحكمة وفق أحكام البند (2) من هذه الفقرة قطعياً وعلى المحكمة تزويد الدائرة بنسخ من القرارات الصادرة عنها خلال ثلاثة أيّام من تاريخ صدورها وتتخذ الدائرة ما يلزم من إجراءات لتصويب الجداول الأولية على ضوء تلك القرارات خلال سبعة أيّام من تأريخ تسلمها ووفقاً للتعليمات التنفيذية.  لنفرض لم يصدر؟ ما هو الإجراء هل الانتظار والى أي فترة ممكن الانتظار مع العلم إن للانتخابات موعد محدد لا يمكن تأخير ساعات الاقتراع وهناك جدول عملياتي لإنجاز كل المهام لحين الوصول إلى يوم الاقتراع. وهذه الحالة مكررة في كثير من فقرات القانون، وهناك مثال آخر المادة 13  حيث تذكر المادة بأنه لا يجوز لمن الترشيح في أكثر من دائرة، حيث يكتفي نص المادة ب {لا يجوز} فقط! ولكن إن رشّح لم يحدد القانون أي إجراء .. والأمثلة كثيرة.
  • 4)  مادة (8) أ‌- تقسم المملكة إلى دوائر انتخابية يخصّص لها مائة وخمسة عشر مقعداً وفقا لنظام خاص يصدر لهذه الغاية على أن … الخ، موضوع ترسيم الدوائر الانتخابية حيوي جداً ومهم كأهمية قوائم الناخبين فلن نجد في القانون أو الجداول المرفقة وجود أي إيضاحات وأسباب عن هذا الترسيم وكيف تم اعتماده هل حسب أعداد السكان أم الناخبين أم هنالك معايير أُخرى لا نعرفها ففي الدول الديمقراطية المستقرة هناك إشكالات كبيرة في ترسيم الدوائر كاستراليا وماليزيا وحتى الولايات المتحدة الامريكية ولا أُريد أن أُطيل ولكن سارفق في نهاية هذه الورقة موضوع فيه شيء من الايضاح عن (ترسيم الدوائر الانتخابية) سواءً الجهة المخولة قانوناً بالترسيم وطريقة التشكي ومن يحسم الطعون لأي دائرة انتخابية.
  • 5)  حول كوتا المرأة في نفس المادة 8 ب‌-إضافة إلى المقاعد النيابية المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المـــــــادة  يخصص للنساء خمسة عشر مقعداً بواقع مقعد واحد لكل محافظة. كيف تتساوى دوائر مختلفة بأعداد الناخبين والمقاعد بأن يضاف مقعد لكل دائرة يخصص للمرأة؟ لا بدّ من أن يكون توزيع عادل ومنصف إلى حدٍ ما بحيث تختلف كوتا المراة من دائرة فيها مقعدان عن دائرة فيها أربعة مقاعد.
  • 6)  في المادة 40 والمادة 44 خوّل القانون لجنة الاقتراع والفرز صلاحية البت بالطعن في إجراءات الاقتراع أو العد والفرز وهذا موضوع يحتاج مراجعة وتفصيلات وفي أغلب القوانين هنالك طعون تقدم إما لمجلس المفوضين أو للمحاكم أما أن يبت في هذه الاعتراضات لجنة فرعية أمر مستغرب وخصوصاً كبلد عربي حديث عهد بالديمقراطية والانتخابات.
  • 7)  لا يحق لأي مرشح أو حزب أو قائمة الطعن بقرارات المجلس بعد إعلان النتائج في حين بعض الدول تجعل محاكم مختصة للطعون الانتخابية ويعتبر إعلان مجلس المفوضين نهائي. نحتاج دراسة هذه الفقرة بعمق.
  • 8)  العقوبات المنصوص عليها في الفقرات من 55 إلى 60 لم يفصّل القانون جهة التقاضي وطريقة الشكوى وهذا الأمر موجود في كثير من القوانين الانتخابية في البلدان العربية فلا بد من تفصيل كل إجراءات الشكاوى والطعون الانتخابية.
  • 9)  المادة 66 تم تكليف مجلس الوزراء في فقرة إ- بإصدار الأنظمة اللازمة لتنفيذ أحكام القانون وفقرة ب- تكليف مجلس المفوضين بإصدار التعليمات التنفيذية أو أي تعليمات أخرى لازمة لتنفيذ هذا القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه.من الأفضل أن توضع كل هذه الإجراءات والتعليمات والأنظمة في القانون وتفصّل تفصيل دقيق لا لبس فيه ولا غموض ولا استعانة بأكثر من جهة.
  • عموم فقرات القانون تحتاج مراجعات وتفاصيل وهناك فقرات تحتاج إضافة، وبالإمكان أن أضع ملاحظات كثيرة أخرى ولكن أوجزت بأهم الفقرات المهمة والحساسة ولا أريد الإسهاب.

الخلاصة:-

  • الملاحظات والمقترحات وأي تعديل أو إصلاح للقانون الانتخابي يجب أن يشمل كل المنظومة القانونية للانتخابات (قانون الانتخاب/ قانون الأحزاب / قانون هيئة الانتخاب / كل الأنظمة والتعليمات الصادرة لاستكمال تنفيذ هذه القوانين). بعدها ممكن أن نقول أجرينا إصلاح حقيقي وليس تعديل من هنا وهناك. لذا نحتاج ورقة خاصة لكل قانون من هذه القوانين وكل ملاحق تصدر لاستكمال تنفيذه على أرض الواقع وبعدها ممكن أن توحد بعد ورشة موسعة شاملة.
  • الكثير يعتقد ان تعديل فقرة او قانون من قوانين المنظومة الانتخابية يكفي لنقول ان هناك اصلاح شامل بل لا بد من ان نراعي { النظاق القانوني / النطاق الإداري للجهة التنفيذية/ البيئة الثقافية / التعاون الجاد بين كل شركاء العملية السياسية}. لكن لا بأس أن نبدأ شيئاً فشيئاً حتى نصل إلى الهدف المنشود وهو الإصلاح الشامل المتكامل.
  • أمر طبيعي أن يختلف الكثير على فقرات وتفاصيل القوانين الانتخابية ولكن لا بدّ من التركيز على نقاط رئيسية ويجب تفصيلها بكل احترافية وأهمها {سجل الناخبين/ ترسيم الدوائر الانتخابية/ القوائم الانتخابية / طريقة احتساب الأصوات وتوزيع المقاعد / طرق الطعن والبت فيها / شروط الناخب والمرشح / … الخ}.
  • اقترح أن تتبنى جهة رسمية { هيئة الانتخاب / مجلس النواب / مجلس الوزراء .. ) أو منظمة محلية أو دولية الدعوة لعقد ورشة خاصة عن الإصلاح الانتخابي ويسبقه إعلان لدعوة كل المختصين والمنظمات والأحزاب والمؤسسات الرسمية المساندة أو المنفذة ومنظمات المجتمع المدني ومراكز الدراسات أو الاكاديميين في الجامعات وكل من يرغب بكتابة رأي أو مقترح ويخصص موقع الكتروني لجمع هذه المقترحات والملاحظات وبعدها يعلن يوم أو أكثر لعقد الورشة، كونها ستضفي مصداقية وارتياح لكل المعنين والناخبين وسيكون لها صدى واسع وتأييد محلي ودولي.
  • من الضروري أن نتدارس ونراعي المعايير الدولية للانتخابات ونحاول أن تتضمن كثير منها إن لم نقل جميعها في فقرات وتفاصيل المنظومة القانونية للانتخابات.
  • ان أي قانون او نظام انتخابي او معادلة توزيع المقاعد او طريقة ترسيم الدوائر او او .. الخ كل ذلك لا يوجد شيء مثالي خالي من العيوب وما يصلح لبلد لا يصلح لاخر ولا يمكن ان ناتي بقانون لبلد ما وناخذه حرفيا لنطبقه في بلد اخر وخصوصا في بلادنا العربية. ولكن ممكن بتعاون الشركاء نصل الى افضل الحلول وانجعها.

      هذا ما وودت إيجازه في ما يتعلق بقانون الانتخابات وقد أكون مخطأ أو مصيب وحتماً هناك آراء ومقترحات قد تكون أفضل وأدق من كل ما كتبته، وكل ما دونته هو نيجية خبراتي المتواضعة في مفوضية الانتخابات العراقية وخارجها ومشاركاتي بأكثر من 20 ورشة مع الأمم المتحدة ومفوضيات ومنظمات دولية. وعسى أن نتعاون جميعاً لإرساء قواعد وأُسس الديمقراطية في هذا البلد الخيّر المعطاء لترسيخ قواعد الديمقراطية واستكمال جميع جوانبها.

سعد الراوي

نائب رئيس مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق/ الأسبق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى